إيواء يسرى العامري في عهدة المفوضية العامة للاجئين. السيدة العراقية تتوجه اليوم إلى الأمن العام لتستعيد أوراقها. شهد يوم أمس سلسلة تجاذبات ونقاشات من أجل تطبيق حكم القضاء بإخلاء سبيلها وإخراجها من نظارة الأمن العام وملجأ «كاريتاس»
بيسان طي
أخطأ المتفائلون بدولة القانون أم لم يخطئوا... يسرى العامري هل تنال حريتها؟ هل من صوت يعلو فوق صوت القضاء؟ هواجس وأسئلة قلقة سيطرت أمس، في يوم طويل ومضنٍ عاشته اللاجئة العراقية ومتابعو قضيتها.
كان من المفترض أن يكون أمس يوم احتفال باستعادة العامري لحريتها وفق ما جاء في قرار صادر في 11/12/2009 عن قاضية الأمور المستعجلة في زحلة، سنتيا قصارجي، التي قضت بإلزام المُدّعى عليها الدولة اللبنانية ـــــ وزارة الداخلية ـــــ المديرية العامة للأمن العام، بإزالة التعدي عن حقوق المدّعية العامري وحريتها الشخصية، وإلزامها بإطلاق سراحها فوراً، كما نصّ الحكم على عدم جواز ترحيلها من لبنان، هي التي صارت تحمل وثيقة الاعتراف بصفة اللجوء الصادرة في 4/9/2009 عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يفيد، وفق قانونيين، بأن العامري «معرّضة للاضطهاد في بلدها العراق».
مرّ أكثر من شهر على صدور القرار. وفي 24 كانون الأول الماضي صدر إشعار تبليغ الحكم في 24/12/2009، موقّعاً من رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل القاضي مروان كركبي. ويلفت الإشعار إلى أن «المطلوب تبليغه» هو «الدولة اللبنانية ممثلةً بحضرة رئيس هيئة القضايا».
لبنان دولة يسودها القانون، لا آراء الموظفين ومشيئتهم، وإن كانوا مسؤولين
المديرية العامة للأمن العام لم ترضخ فوراً لحكم القضاء. وكان المدير العام اللواء وفيق جزيني قد صرّح لـ«الأخبار» بأنه «لا علاقة للقضاء بهذا الأمر». وقال «لقد فكّرنا كثيراً في قضية العراقية التي تثيرونها، وعقدت عدّة اجتماعات مع كبار ضباط المديرية لمعالجة قضيتها»، مضيفاً «تبيّن لنا أن القاضي الذي أصدر الحكم لا يعرف ما يقوم به».
كلام جزيني هذا جاء رغم أن وزير الداخلية زياد بارود كان قد أرسل إلى المديرية كتابين، الأول في 30 كانون الأول الماضي والثاني في 11 الشهر الجاري، يطلب فيهما شرح أسباب عدم إخلاء سبيل العامري. كذلك طلب فكّ احتجازها فوراً إذا لم تكن هناك موانع قانونية لذلك. وطلب الوزير من الأمن العام إفادته بما إن كان هناك أشخاص آخرون محتجزون في النظارات بعد انتهاء مدّة أحكامهم، ورفض الاحتجاز التعسّفي وطلب محاسبة المسؤولين عنه.

نزيلة بيت الأمان!

حتى مساء يوم الجمعة الماضي، كانت مديرية الأمن العام تبدو كأنها لن تخضع لكلمة القضاء، وقال اللواء جزيني لـ«الأخبار» إن العامري سترسل صباح السبت إلى أحد بيوت الأمان التابعة لـ«كاريتاس». هذا القرار كان مخالفاً للحكم القضائي الذي أمر بإخلاء سبيل العامري وعدم احتجاز حريتها. وهو مختلف عما تضمنه كتابا وزير الداخلية.
في اليوم التالي، بدا أن المديرية العامة للأمن العام قد تراجعت عن قرارها هذا، وأنها ستنفذ الحكم القضائي.
أمضت العامري ليلتين في أحد ملاجئ كاريتاس في الجبل، كما أفادنا مندوبون من الجمعية، وكان موعدها المفترض صباح أمس مع الحرية.
حُددت أجندتها بالانتقال عند العاشرة صباحاً إلى المفوضية العامة للاجئين في محلة الجناح ـــــ بيروت.
وصل نزار صاغية محامي العامري، وحضر المصوّرون والصحافيون. كان الكل متأهّباً للقاء المرأة التي هربت من جحيم الموت في العراق.
المهم أن عقارب الساعة دارت. مرّت العاشرة، ولم تطلّ يسرى العامري. كان مندوبو «كاريتاس» يجيبون عبر الهاتف بأنها في الطريق إلى المفوضية وقد تكون «عالقة في زحمة السير»، ولكن انتظارها طال حتى الساعة الثانية عشرة والنصف. مرّت بهدوء أمام المصورين الذين انتظروها خارج المبنى. مرافقوها قالوا لهم إنها ليست يسرى.
بهدوء دخلت المرأة الثلاثينية السمراء ومعها شابة ورجل. اقتربت من دفتر سجل، سألناها عن اسمها، قالت «يسرى» وابتسمت. على الفور تدخلت مرافقتها، وهي جويل خوري من «كاريتاس»، وطلبت من الصحافيين عدم التحدث إلى العامري، ضاقت بكلمات الترحيب وبعبارة «الحمد لله على السلامة، مبروك عليك الحرية».
لا سبب يجيز لجهاز إداري القبض على العامري، ولا يمكن إعادة محاكمتها بتهمة الدخول خلسة إلى البلاد
ما هي سوى لحظات حتى انجلت الصورة. خوري (وهي المسؤولة في الجمعية عن مشروع حماية الموقوفين في الأمن العام) أعلنت أنها لم ترافق العامري لتنال الأخيرة حريتها، بل ستعيدها معها إلى ملجأ كاريتاس وذلك بطلب من الأمن العام، وأبرزت للصحافيين تبليغاً من المديرية أن العامري يُخلى سبيلها لتكون في عهدة الجمعية (!). ومن اللافت أن العميد الذي كتب التبليغ أورد فيه، وفق مندوبة «كاريتاس»، أنه تلقّى تبليغاً شفوياً من اللواء جزيني بهذا الأمر. أضافت خوري أن الأمن العام يعهد إلى كاريتاس بنحو مئة موقوف من اللاجئين سنوياً، وذلك إما لأنهم يعانون من أوضاع صحية سيّئة أو غير ذلك من المشاكل، وادّعت أن العامري تنتمي إلى هذه الفئة، وأنها في عهدة كاريتاس لأنها تعاني مشاكل صحية. لكنّ العامري بدت في صحة جيدة، وجهها الأسمر مشرق، تزيده ابتسامتها الناعمة جاذبية، كانت ترتدي عباءة وحجاباً.
فاجأ كلام خوري المحامي صاغية والصحافيين. ادّعت مندوبة «كاريتاس» أنها لا يمكن أن تدع العامري تخرج وحدها لأن الجمعية لم تُبلغ صدور الحكم القضائي (!)، وقد ساندها في هذا الكلام محامي الجمعية... بعض الحاضرين علّق على هذا الكلام ساخراً «هل يُفترض بالقاضي أن يرسل نسخاً عن أحكامه إلى من يهمه الأمر ومن لا يهمه؟».
ردّت مندوبة «كاريتاس» ومحاميها بحدة على أسئلة الصحافيين، وذهب المحامي بعيداً في محاولة توجيه إهانة كلامية إليهم. كان يردد لزملائهم عبر الهاتف «لمّوا من أرسلتموهم إلى الطريق ليُهاجموا كاريتاس»، معتبراً الأسئلة وسائل هجوم.
صاغية (محامي العامري) كان حازماً في ضرورة احترام القضاء، وشدد أن الحكم إنجاز مهم، وأنه وسام على صدر القاضية التي أصدرته.
ساعات طويلة مرّت في انتظار أن تظهر العامري مجدداً. طُلب من الصحافيين الجلوس في غرفة، وكان صاغية ومندوبو كاريتاس وممثّل عن المفوضية في مكان آخر، حيث جرى النقاش في شأن وضع العامري، في ظل إصرار مندوبة «كاريتاس» على أن تعود إلى الملجأ. ولم تتنبّه مندوبة كاريتاس إلى أن الجمعية لا تأتمر بأمر الأمن العام وأن عليها ـــــ ككل الجمعيات والمواطنين في لبنان ـــــ أن تمتثل لحكم القضاء.
في هذه الأثناء كانت النقاشات والحوارات والتدخلات تضرب في غير اتجاه. كل شيء كان يغلي في البلاد، وحدها يسرى كانت ساكتة وهادئة تنتظر الإفراج عنها، هي التي أُبلغت صباحاً حزم أمتعتها لتترك «كاريتاس». لم تكن تعرف أن هذا الطلب سيتغيّر مضمونه فجأة، وأنه سيُطلب منها العودة إلى ملجأ الجمعية.

نقاشات متشعّبة

عند الثامنة من صباح أمس، أرسل وزير الداخلية زياد بارود كتاباً إلى الأمن العام يأمر فيه بتطبيق الحكم القضائي فوراً وكما ورد بكل تفاصيله.
وعلمت «الأخبار» من مسؤول أمني أن اللواء جزيني زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقد أُثير موضوع اللاجئة العراقية. وقال المسؤول إنه علم أن جزيني أبدى امتعاضاً من قرار وزير الداخلية إخلاء سبيل العامري. كذلك روى المسؤول الأمني أن جزيني أبدى خشية من أن تكون هذه القضية بداية لحملة تهدف إلى تغييره وتعيين مدير عام جديد للأمن العام. وقد علّق قانونيون على هذا الطرح مستغربين محاولة الابتعاد عن القضية الجوهرية ـــــ أي احترام حكم القضاء ـــــ واستبدالها بنقاشات أخرى بعضها يتعلق بموقع وظيفي.
في المجلس النيابي أيضاً كان اسم العامري وقضيتها مدار بحث، وذلك في اجتماع للجنة حقوق الإنسان النيابية، وقد حضره الوزير بارود. وقال رئيس اللجنة النائب ميشال موسى، لقد نوقش «موضوع الموقوفين الأجانب المنتهية مدة توقيفهم، ولا سيما حالة العراقية الموقوفة يسرى العامري ومن هم في حالتها. وبعد المداولة، قررت اللجنة زيارة السجون وأماكن التوقيف الاحتياطي التابعة لكل من وزارتي الداخلية والدفاع الوطني، والتعاون مع الإدارات المعنية والقضاء». وعلمت «الأخبار» أن سؤالاً طُرحه أعضاء مستفسرون إن كانت العامري تستطيع أن تترك أو تخرج من مقر كاريتاس وملاجئها متى شاءت، فأكد الوزير أن لها الحرية المطلقة في ذلك. هذا الكلام يتعارض مع محاولات مندوبة «كاريتاس»، أمس، استعادة العامري واصطحابها مجدداً إلى ملجأ الجمعية.
وزير العدل إبراهيم نجار قال لـ«الأخبار» إن من يمتنع عن تنفيذ الحكم يتحمّل مسؤولية شخصية وجزائية. وبعد أن ذكّر بأن هذه القضية تدخل في إطار مسؤولية وزارة الداخلية، لفت إلى التمسك بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي وقّعها لبنان، والتي تدعو في أحد بنودها إلى عدم ترحيل أشخاص معرّضين للخطر في بلادهم.
النائب غسان مخيبر، وهو خبير قانوني، ذكّر بأن الحكم مبرم وأن مهلة الاستئناف انقضت، وأنه لا يسع الإدارة اللبنانية سوى تطبيقه، «وإلا أصبح احتجاز العامري غير مسوّغٍ ويعدّ جرماً»، وأضاف أنه «لا يسع أيّ جهة أخرى ـــــ ومنها كاريتاس ـــــ أن تحتجز حرية هذه المرأة». وذكّر النائب مخيبر بأن هذه الحالة الخاصة تعيد إثارة كل مسألة الأجانب المحتجزين في لبنان، وهي قضية تلفتنا إلى وجود مجموعة من الثغر التي يجب سدّها، إن على مستوى القانون أو على مستوى ممارسة المديرية العامة للأمن العام. أخيراً، شدد مخيبر على أن لبنان دولة «يسودها القانون لا آراء الموظفين ومشيئتهم، وإن كانوا مسؤولين، حتى وإن كانت هذه المشيئة مرتبطة بحسن أو سوء نية».
نجار: من يمتنع عن تنفيذ الحكم يتحمّل مسؤولية شخصية وجزائية
طال انتظار العامري، أمس، حتى ساعات المغرب. كان محاميها قد تقدم بطلب إصدار أمر على عريضة لمنع أي أحد من التعرّض لحريتها، ويتولى التحقيق قاضي الأمور المستعجلة في بيروت نديم زوين. ونقل متابعون للقضية أن مندوبي «كاريتاس» أنكروا أمام القاضي ما كانوا قد رددوه في المفوضية العليا للاجئين، وتراجعوا عن الكلام أن العامري نزيلة ملجئهم بأمر من الأمن العام.
كيف انتهى نهار العامري الطويل؟ اللاجئة العراقية صارت في عهدة المفوضية، أي في عهدة الأمم المتحدة التي ستوفّر لها الإيواء. وعلمت «الأخبار» أن وزير الداخلية زياد بارود أعرب عن استعداده لمنح العامري إقامة مؤقتة ريثما تُسوّى قضيتها، وطلب أن تُُرسل إليه رسالة من المفوضية تؤكد استعدادها لمتابعة قضية العامري. وفي المعلومات أن بارود كرّر إصراره على احترام القوانين وحكم القضاء، ورأى أن لبنان ليس بلد لجوء. وفي هذا الإطار ردّد قانونيون وناشطون «أنّ أيّ بلد منضم إلى منظمة الأمم المتحدة هو بلد يستقبل لاجئين، وإلا فلماذا يستضيف لبنان على أرضه مفوضية للاجئين؟».
اليوم ستتوجه يسرى برفقة مندوبين من المفوضية إلى المديرية العامة للأمن العام، ومن المفترض ألا تُرمى في نظارة، بل أن تكون معزّزة تستعيد أوراقها وتحصل على سند من المديرية يوفّر احتراماً كاملاً لحريتها ولما نصّ عليه الحكم المبرم الذي أصدرته القاضية قصارجي، وهذا الحكم يمنع ترحيل العامري التي تحمل بطاقة لاجئ، وذلك عملاً بالمادة الثالثة من اتفاقية منع التعذيب التي وقّع عليها لبنان، والمادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد ذكّر المحامي صاغية بأنه لا سبب يجيز لأيّ جهاز إداري القبض عليها، كذلك فإنه لا يمكن محاكمتها بتهمة الدخول خلسة إلى البلاد لأنها حوكمت بهذه التهمة وأمضت فترة العقوبة. وكان صاغية قد أعلن أمام وسائل الإعلام، بعد ظهر أمس، أن عدم تطبيق حكم القضاء يلفت إلى أن ثمة محاولة لإعطاء انطباع أن «الأمن العام هو الآمر النافذ. إننا نحاول أن نقلب هذا السلوك». وأضاف أن ثمة لبنانيين خلال الحرب كانوا لاجئين، و«كانت دول اللجوء تحتضننا، وإن لم تفعل تدافع جمعيات وناشطون عن حقوقنا».


سجّل أنا لاجئة في بلد عربي

كان الليل حالكاً، أو ربما هي الدموع التي انهمرت حزناً على الأب والأخ، ما جعل يسرى العامري تظنّ أنها غادرت العراق في الظلام. المهم أنها هربت من الموت والاحتلال والقنابل المتفجرة أجساداً. هربت إلى حيث لغة الضاد التي تحكيها وتفهمها، وصلت إلى سوريا ثم إلى لبنان، كانت بصحبة شقيقها، وقد أوقفا في 26 أيار الماضي بتهمة الدخول خلسة إلى لبنان. وفي 17 حزيران أصدر القاضي المنفرد الجزائي في زحلة حكماً قضى بحبس يسرى شهراً، وامتد الشهر شهوراً، خلالها حصلت على بطاقة لاجئ، وقبل أن ينتهي العام صدر الحكم بإخلاء سبيلها.
هل كان جحيم الموت أقسى من الآمال التي اهتزت؟ آمال العامري بأن تجد المأوى والأمن في بلد عربي، أن تُحفظ فيه حياتها وتحترم كرامتها الإنسانية. لم تتكلم كثيراً أمس، لم تُعط الفرصة لذلك، لكنها كانت تبتسم، كمن لا يفقد الأمل، كألئك الذين حين يواجهون الموت، يقتربون منه ثم ينجون، يدركون أنهم محكومون بالأمل لأنهم محكومون بالعيش.


... المديرية تعلن أنها تحت سقف القــانون وتتحفظ

في ساعة متأخرة من مساء أمس وصل إلى «الأخبار» بيان من «وزارة الداخلية والبلديات، المديرية العامة للأمن العام». البيان الذي أُريد له أن يكون رداً على الصحيفة أعلنت فيه المديرية أنها «تضع نفسها تحت سقف القانون».
جاء في البيان «إن المواطنة العراقية صاحبة العلاقة دخلت لبنان خلسة وبصورة غير شرعية، وهو ما يشكل جرماً جزائياً معاقباً عليه. وقد حاكمها القضاء وصدر بحقها حكم عن القاضي المنفرد الجزائي بتاريخ 17/6/2009 قضى بحبسها مدة توقيفها وتغريمها، كما قضى بإخراجها من البلاد بعد تنفيذ العقوبة.
إن القرار الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة المتذرّع به لا يلغي على الإطلاق ما قضى به حكم القاضي المنفرد الجزائي، ويقتصر على ما قضى به لجهة التعدي على حقوق صاحبة العلاقة المشروعة حصراً وليس من شأنه أن ينشئ وضعاً قانونياً جديداً، خصوصاً أن لبنان ليس بلد لجوء».
وهنا نلفت إلى أن نص الحكم الذي أصدرته قاضية الأمور المستعجلة سنتيا قصارجي يلفت إلى أن يسرى العامري كسبت صفة لاجئ من الأمم المتحدة. أكد قانونيون أن من الخطأ الكلام عن أن حكم القاضية قصارجي لا يلغي الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي، لأن العامري قضت فترة عقوبتها تلك، وبقيت سبعة شهور إضافية في السجن.
المحامي نزار صاغية ذكّر بأن الحكم الذي أصدرته القاضية قصارجي نص صراحة على اكتساب العامري صفة اللجوء ما جعل من غير الممكن ترحيلها، كما ذكر الحكم أنه حتى لو كان من الممكن ترحيلها فإنه لا يجوز توقيفها «أي إن الأمن العام اعتدى على حريتها سبعة شهور، وهذا بحد ذاته جرم جزائي لا بد أن يُحاسب عليه الجهاز الذي ارتكبه».
جاء في بيان الأمن العام أن المديرية نفذت توجيهات وزير الداخلية زياد بارود «الرامية إلى تنفيذ قاضي الأمور المستعجلة رغم تحفظها عليه، فأخلت سبيل صاحبة العلاقة. إلا أن ذلك لا يلغي استمرار وجود الشخص المعني في لبنان بصورة غير قانونية، وإن قرار قاضي الأمور المستعجلة لا يعد في أي شكل من الأشكال تسوية لوضعها».
المحامي صاغية رأى أن هذا الكلام خاطئ ويمثّل تفسيراً مبتوراً لقرار القاضي «ويجعل الحكم مخالفاً لمعناه الحقيقي ما دام حُكم بالإفراج عنها لعدم جواز ترحيلها يعني حكماً إعطاءها حق إقامة في لبنان حتى زوال أسباب بقائها خارج العراق»، وهنا يمكن القول إن أي تفسير مخالف للحكم يعني تشويهاً له ولمضمونه. يضيف صاغية «أما التحفظ على القرار فهو يعني أن مديرية الأمن العام كيان مستقل عن الدولة التي قررت الرضوخ للحكم دون تحفظ».
ختمت المديرية العامة للأمن العام البيان بالقول إنها «ستستمر تسعى إلى ممارسة دورها في ملاحقة الأشخاص الذين يدخلون إلى لبنان خلسة ويخالفون الأحكام القانونية التي ترعى إقامة الأجانب».