عمر نشّابةكرّر البعض خلال اليومين الماضيين أنّ الاتهام السياسي لسوريا بارتكاب جرائم الاغتيال في لبنان منذ تشرين الأول 2004 ما زال قائماً، رغم القبلات المتبادلة في دمشق بين رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس السوري بشار الأسد. لكن الحقيقة... الحقيقة التي لا يبدو الشكّ فيها ممكناً، هي أن زيارة الحريري لسوريا لا تدلّ على تراجع اتهام سوريا سياسياً وحسب، بل تؤكد أن لا اتهام قضائياً لها في الجريمة، إذ لا يمكن المحكمة الدولية، بحسب نظامها الأساسي، أن تتهم بلداً أو جهازاً أو نظاماً، بل يقتصر الاتهام القضائي على أفراد.
أما بخصوص الاتهام المسبق لمسؤولين سوريين، فهو باطل قضائياً، إذ إن المحكمة الدولية تعتمد مبدأ قرينة البراءة الذي يمثّل ركناً من أركان العدالة.
وقد يكون مفيداً توضيح الآتي:
1 ـــــ إن زيارة الحريري لسوريا سياسية، وإذا أراد البعض إعطاءها طابعاً آخر، يمكن هؤلاء القول إن الزيارة شخصية أو عائلية كما ورد على لسان الأمين العام السابق لوزارة الخارجية السفير فؤاد الترك.
2 ـــــ إن زيارة الحريري لسوريا، وهو زعيم قوى 14 آذار وتكتّل لبنان أوّلاً وتيار المستقبل في آن واحد، تُعَدّ تراجعاً سياسياً واضحاً عن اتهام سوريا باغتيال الرئيس رفيق الحريري والشهداء الآخرين. وإلا، فهل تُعقَل مصافحة المتهم بالقتل قبل ختم التحقيق في الجريمة؟
3 ـــــ إن اتهام سوريا خلال الحقبة الماضية لم يفرّق بين الاتهام السياسي والاتهام القضائي، بينما التراجع عنه يعني بالضبط ما قاله الحريري: «هذا الأمر بيد المحكمة الدولية»، ولا يُعَدّ ذلك تراجعاً عن الاتهام القضائي، إذ إن الاتهام القضائي لم يكن ليجري التراجع عنه.
مُضحكٌ مُبكٍ آكلُ السمك واللبن الذي يصيبه التسمم فيندم على الخلط بين الوجبتين بدل أن يبحث عن حموضة اللبن وعفن السمك.