لا يختلف اثنان على الظروف الصعبة التي تمر بها مؤسسة قوى الأمن الداخلي اليوم. تزداد حدتها مع استمرار التشنّج الطائفي والسياسي. منذ عامين، وحتى اليوم، عانى الرتباء في المؤسسة للحصول على الترقية، ورغم اجتماع مجلس القيادة في المديرية أمس، لا شيء في الأفق. الرتباء ما زالوا ينتظرون ترقيتهم.
أحمد محسن
كان متوقعاً، أمس، أن تبحث جلسة مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي إصدار قرار بترقية 3560 رتيباً في قوى الأمن الداخلي، قبلوا للترقية بين عامي 2009 و2010، علماً بأن الدفعة الثالثة والأخيرة لترقية 4666 رتيباً تنتهي في آخر شهر من العام الحالي. تداول مسؤولون أمنيون كلاماً في أروقة المؤسسة عن احتمال ترقية مجموعة من الرتباء من دون امتحانات، استثنائياً، وذلك بسبب الظروف الأمنية التي مرّت بها البلاد، والتي تخللها ضغط كبير على قوى الأمن الداخلي، ابتداءً من الهزات الأمنية المتكررة، وصولاً إلى العمل «الشاق» لإنجاح الانتخابات النيابية. وكان متوقعاً أيضاً أن يبحث مجلس القيادة في منح الرتباء الذين لم يتقدموا للترقية الحق في التقدم من جديد. اللافت في ترقيات الرتباء أنها لا تجري على أساس التوزيع الطائفي التقليدي، عكس 66 ضابطاً وُضعت اللمسات الأخيرة لترقيتهم في الشهر المنصرم (راجع عدد «الأخبار» الجمعة ٢ تشرين الأول ٢٠٠٩). وفيما رفضت الإدارة العامة في قوى الأمن الداخلي التعليق على الموضوع وتداوله إعلامياً، تجنّباً لإعادة الحديث في معضلة مجلس القيادة، أكد مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن مجلس القيادة أصدر قراراً، أمس، بالسير في ترقيات الرتباء، وبحث الأمر تفصيلياً.

لا مشاكل داخلية في الجيش

تختلف الأمور في الجيش. لا تعاني المؤسسة العسكرية من أي انقسامات ومشاكل داخلية، كتلك التي تعاني منها مؤسسة قوى الأمن الداخلي. قبل شهر تقريباً، تابع الجيش ترقية رتبائه، من دون أي عوائق أو مماطلات تذكر. قسّم الرتباء على دفعات سبع. الأولى تضمّنت الدفعتين الباقيتين (الثالثة والرابعة) من الذين رقّوا بالاختيار بتاريخ 1/4/2007، وحدد تاريخ استحقاق الترقية 1/10/2009. الثانية شملت الذين رقّوا بالاختيار بتاريخ 1/1/2008، تاريخ استحقاق الترقية 1/1/2010. الثالثة الذين رقّوا بالاختيار بتاريخ 1/7/2008، تاريخ استحقاق الترقية 1/7/2010. الرابعة شملت الذين رقّوا بالاختيار بتاريخ 1/8/2008، وتاريخ استحقاق الترقية 1/8/2010. وحوت الخامسة الذين رقّوا بالاختيار بتاريخ 1/1/2009، وتاريخ استحقاق الترقية 1/1/2011. أما الدفعة السادسة، فشملت الذين رقّوا إلى الرتبة الأساسية (نتيجة الخدمة الطويلة المميّزة وفقاً لنظام ترقية الرتباء والأفراد وتعليماته التطبيقية) بتاريخ 1/1/2009، وذلك بعد انقضاء سنتين على ترقيتهم بالاختيار، وتضمنت الدفعة السابعة الرتباء العسكريين الذين رقّوا نتيجة حيازة إجازة جامعية بتاريخ 1/1/2008 و1/1/2009، بعد انقضاء سنتين على ترقيتهم بالاختيار.
أكد مسؤول أمني ترقية دفعة من الرتباء حتى عام 2010، فيما رفضت الإدارة التعليق على الموضوع
وفيما يشكو رتباء قوى الأمن الداخلي من مماطلة زمنية في الحصول على ترقياتهم، تمتاز الشروط في المؤسسة العسكرية بالسهولة والوضوح. على المتقدم بطلب الترقية أن ينال علامة 20/12 على الأقل معدلاً لمجموع علامات الأوضاع العسكرية (أو 20/10 بالنسبة إلى الفقرة ب) وألا يتعرّض لعقوبة شائنة أو جسيمة أو لحكم قضائي مهما كان مقداره خلال السنة السابقة لغاية التاريخ المحدد للترقية، وألا يكون قد تقدم بطلب تسريح من الجيش أو إحالة على التقاعد خلال سنة الترشيح. بدأ العمل بقرار الترقيات في الجيش فور صدوره في أواخر أيلول المنصرم. كلّف قائد الجيش أركان العديد ـــــ مديرية الأفراد، في المؤسسة العسكرية، بطلب الترشيح من القطع والوحدات والتدقيق فيها وفقاً للتعليمات، وترقية العسكريين المعنيين على دفعات وفقاً لما هو محدد في الملحق المرفق، وعدم تسريح أي عسكري يرقّى استثنائياً إلا بعد انقضاء سنتين على ترقيته، باستثناء الذين يرقّون بالاختيار، السن القانونية، حيث يؤجّل تسريحهم استناداً إلى المادتين 55 و75 من المرسوم الاشتراعي الرقم 102/83 وتعديلاته (قانون الدفاع الوطني). كذلك طلب من القطع والوحدات اعتماد الآلية المحددة في الملحق المرفق لترقية العسكريين (رتباء وأفراد) الذين لم تشملهم الترقية، والسماح للعسكريين بسحب طلبات التسريح وتحديد عقود تطوّعهم وفقاً لرغبة كلّ منهم.

السياسة تسلب الترقية

لم تجر الأمور بالسهولة ذاتها مع رتباء قوى الأمن. بقوا بلا ترقيات، حتى عُرض موضوعهم ظهيرة أمس، بعد سنتين من الانتظار الطويل. وأوضح مسؤول أمني رفيع أن سبب بقاء ملفات لجنة التحقيق في شؤون الرتباء في أدراج مؤسسة قوى الأمن الداخلي «يعود إلى مشكلة سياسية صرف». ولفت المسؤول الأمني إلى أن الأزمة قديمة، وتعود إلى وقت ما قبل عهد الوزير زياد بارود، إذ إنه، نقلاً عن المسؤول الأمني، «سبّبت قضية ترقية أحد الوزراء لصهره خلافاً حاداً داخل مجلس القيادة، ما أدى إلى إغلاق الملف لفترة طويلة». وكان المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، قد أصدر قراراً، في 18 آذار من العام الفائت، منح بموجبه 21 رتيباً من المؤسسة ترقية استثنائية بسبب حيازة كل منهم شهادة دكتوراه أو دبلوم دراسات عليا. قرار ريفي الذي يحمل الرقم 386 يستند إلى قرار اتخذه مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي يوم 8/3/2008، قضى بمنح كل رتيب حائز شهادة (معترفاً بها رسمياً ومصدّقة حسب الأصول) قدماً للترقية لرتبة أعلى، على أن تكون سنة للحائز شهادة دكتوراه، وستة أشهر للحائز شهادة «دبلوم دراسات عليا». كذلك قضى قرار المجلس بإعفاء هؤلاء من مباراة الكفاءة المفترض خضوعهم لها قبل الترقية، إضافة إلى إعفائهم من الدورة الدراسية التي يخضع لها الفائزون بمباراة الكفاءة، ومن امتحانات نهاية الدورة. حينها، برزت اعتراضات على هذا القرار، من الرتباء حاملي الإجازات الجامعية، الذين باتوا الوحيدين غير المشمولين بمنح قدم الترقية، رغم إنشاء اللواء ريفي لجنة لإنصافهم (أكد مسؤول أمني أن المديرية أنصفت بعض الرتباء فيما بقيت أمور الآخرين عالقة). سرى جو في المديرية حينها أن سبب تحرك مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي لمنح حاملي الشهادات العليا قدماً استثنائياً لم يكن سوى وجود صهر وزير الداخلية والبلديات حسن عكيف السبع، المعاون أول علي الحاج، بين الممنوحين.


ترقيات 2008 ـ 2010