تتكدّس النفايات منذ ثلاثة أيام في شوارع مدينة النبطية وأحيائها، بل إنها تمتد حتى العديد من بلدات الجوار، بعدما توقفت «شركة الجنوب للمقاولات» المتعهدة جمع تلك النفايات، عن العمل تماماً. أما السبب؟ فهو ببساطة إقدام بلدية كفرتبنيت على إقفال المكب، لأسباب مالية، نظراً لتمنع الجهات التي يجب أن تدفع عن الدفع
النبطية ــ كامل جابر
مشكلة النفايات في النبطية وبلدات اتحاد بلديات الشقيف تعود إلى سنوات خلت. وما منظر الشوارع أمس الممتلئة بالقمامة إلّا الشكل الذي اتخذته المشكلة بعد تفاقمها. والمشكلة تعدّ من أكثر المشاكل تشعّباً في المنطقة، فما تكاد تنتهي من أزمة حتى تدخل في أخرى، لأسباب مختلفة؛ وتبحث مختلف البلديات المنضوية في الاتحاد عن حل جذري، فيما تقف كل بلدة على حدة في مواجهة أي مشروع مقترح، بمجرد أن تتوجّه الأنظار نحو الحدود العقارية لأي منها؛ وتتحوّل من قضية ملحة إلى مواجهة يتقدمها الأهالي، منعاً لأن تكون النفايات ضمن النطاق العقاري لهذه البلدة أو تلك.
المشكلة الأخيرة التي برزت إلى العلن، مع تكدس النفايات في شوارع مدينة النبطية وأحيائها، وفي العديد من قرى القضاء، بدأت بعد أشهر من مطالبة بلدية كفرتبنيت، حيث المكب المؤقت للنفايات، المعتمد من جانب الشركة المتعهّدة لقاء مبالغ متفق عليها، بمستحقّات مالية وصلت إلى حدود 225 مليون ليرة لبنانية.
يؤكد رئيس اتحاد بلديات الشقيف سميح حلال تشعّب المشكلة، «وخصوصاً بعدما ألحّت بلدية كفرتبنيت بشخص رئيسها أدهم طباجة، في الآونة الآخيرة، بالمطالبة بما لها من مستحقات مالية وصلت إلى حدود 225 مليون ليرة لبنانية، هذا حقها، لكن ماذا عسانا نفعل والدولة متمنّعة عن الموافقة على مناقصة بهذا الخصوص؟».
ويشير إلى «أننا أجرينا مناقصة عامة وأرسلناها مع قرار من الاتحاد إلى الصندوق البلدي المستقل من أجل مساواتنا بمختلف الاتحادات في لبنان، بتوليه عملية نقل النفايات ومعالجتها، على أن يقوم الاتحاد بتأمين الكنس والجمع بموجب القانون، بما يعادل 40 بالمئة على البلديات والاتحادات، و60 بالمئة على الدولة؛ منذ شهر كانون الأول من العام الماضي. وبالرغم من جميع المراجعات والاتصالات، لم يُصدّق هذا المشروع حتى الآن، في الوقت الذي تعهدتُ فيه عدم إيقاف الملتزم الحالي عن العمل كما فعلنا في السابق، إذ أمّنا الاستمرارية ثم أجرينا تسوية للأمر، وتلقّينا بعدها تنبيهاً رسمياً بأنه يجب الحصول على موافقة مسبّقة».
من أصل مبلغ مليار و200 مليون ليرة وصلنا 250 مليون
يضيف: «تابع الملتزم معنا على أمل التصديق على المشروع، تأخرت الموافقة، وإمكانات الملتزم محدودة، عليه أن يدفع للعمال والموظفين والسيارات والمحروقات وغيرها من المصاريف، وكذلك للبلدية صاحبة الأرض المستثمرة. المشروع يساوي نحو ملياري ليرة، ومرت سبعة أشهر، وبدأنا بالشهر الثامن، وصار له في ذمتنا نحو مليار و200 مليون ليرة. تخفيفاً للأمر، نحن أعطيناه سلفة بقيمة 250 مليون ليرة فقط من أجل تأمين المحروقات، لا ندري من أبلغ التفتيش المالي أننا دفعنا قبل تصديق المشروع، فأتى التفتيش ودخلنا نحن وإياه في سين وجيم».
ويلفت حلال إلى أن مشكلة النبطية تتأتّى من مساحتها العقارية الضيقة جداً (6900 دونم) ولا توجد فيها مساحات خالية، لكن «لا تقوم بلدية النبطية بدفع ما عليها للاتحاد، مع العلم أن لا شيء يؤخّرها عن الدفع، علماً أن البلدية تتلقّى من الصندوق البلدي المستقل القيمة عينها التي يتلقّاها اتحاد بلديات الشقيف، وما من حجة لتتأخر في الدفع، وإذا بها تتخلف، ما جعل بلديات الاتحاد تتمثل في النبطية، بل وتعيّرنا بها».
تقع مسؤولية تأمين المكب على المتعهّد المكلّف تأمين مختلف الظروف المتعلقة به، من جمع وفرز ومراقبة الشروط الصحية والبيئية. وتشير مصادر قريبة من الإدارة إلى أن الشركة وقعت تحت ضغط مالي بسبب نفايات اتحاد بلديات الشقيف، «فالشركة ليست مصرفاً، وهي تقترض من المصارف لتوفّر أجرة العمال والمحروقات وصيانة السيارات وغيرها، ولم تقبض من أصل مبلغ مليار و200 مليون ليرة أكثر من 250 مليون ليرة، وهي بحاجة إلى سيولة، وتحملنا الكثير مع اتحاد بلديات الشقيف، وفي نهاية المطاف لم نقم نحن بإيقاف العمل».
يؤكد رئيس بلدية كفرتبنيت أدهم طباجة أن البلدية «قامت بما عليها تجاه هذا الأمر، وتساهلت كثيراً في سبيل حل هذه المشكلة بانتظار موافقة مجلس الوزراء على دفع المستحقات اللازمة، لكن الأمور تعقّدت، والمشكلة ليست عندنا، بل عند الشركة المتعهدة، هي التي أوقفت عملها بسبب أموال لها على اتحاد بلديات الشقيف، مع العلم أننا عانينا ثمانية أشهر من التسويف في الدفع، وأعطينا مهلة شهرين لدفع ما لنا من مستحقات عند الاتحاد، الذي عليه تأمين الأموال، وجدّدنا هذه المهلة أكثر من مرة، ونحن على استعداد لتجديدها مدة أسبوعين إضافيين، إذا عادت الشركة المتعهّدة عن قرارها، لكن بعد ذلك لا يمكن أن نقبل بأي تسوية، أو بأي تجديد آخر».
ويشير طباجة إلى أن بلدية كفرتبنيت أمهلت اتحاد بلديات الشقيف، حتى آخر السنة الجارية «في محضر رسمي سجلناه في اجتماع للاتحاد منذ شهر تقريباً، للبحث عن مكب بديل، وبعد هذه المدة التي حدّدناها بتاريخ 31/12/2009، لن نقبل نهائياً أيّ تمديد، لقد خدمنا عسكريتنا في هذا المضمار، ولن نقبل مجدداً حتى لو دفعوا لنا ملياري ليرة».
وكانت بلدية كفرتبنيت قد فتحت هذا المكب في المنطقة الواقعة بين حدود البلدة الشرقية، وشمالي بلدة أرنون، وغربي مجرى نهر الزهراني، منذ أكثر من سنتين، وأجّرته للشركة المتعهدة إزالة النفايات من البلدات المنضوية في اتحاد بلديات الشقيف، لقاء مبلغ من المال تتلقّاه البلدية سنوياً.