محمد محسنلم ينبش الحاضرون ذاكرتهم، فالمجزرة ما زالت أكبر معلمٍ في الشارع الضيّق. اثنا عشر طفلاً قمراً زيّنوا اللوحة التي سندت المبنى الجديد، فأضاؤوا بضحكاتهم ساحة الاحتفال بالذكرى. عيونهم تنظر إلى الحاضرين، وتطمئنهم، نحن في مكانٍ آمن الآن، لا تقلقوا. أبو محمد رميتي وأم محمد وابنهما حسين «نجوم» إحياء الذكرى. كيف لا وكل من يصادفك يشير بإصبعه إلى رجلٍ أثقل موت عائلته لحيته بالشيب. أمّا الجسد الغض لحسين، الناجي الوحيد من بين إخوته، فمليء بطعنات المجزرة، وسؤال أم محمد إذا كانت لا تزال تذكره من أبنائها، يبدو أخرقَ، فهي لم تنس شيئاً كي تتذكر. الاحتفال كان بسيطاً. كلمة لأبي محمد، والد الشهداء وأخوهم وابنهم، مجلس عزاء، ودموع كثيرة. وفي مدافن شهداء المجزرة، عائلات أخرى، بكت قرب أضرحة شهدائها. أسمعت الأمهات نحيبهن لإلى أبنائهن في التراب، وألقى أطفال وروداً تشبه عيونهم الذابلة على أضرحة أمهاتهم. استعاضوا عن الماء، وغسلوا قبور أحبّتهم بالدموع.