منذ فترة والجيش يُحكم طوقه على مخيم البداوي في الشمال. الناس خائفون هناك، فيما أكدت المصادر الفلسطينية اشتداد الحصار، ونية الجيش اللبناني إزالة بعض المواقع
مخيم البداوي ــ عبد الكافي الصمد
أثارت الإجراءات والتعزيزات العسكرية التي يجريها الجيش اللبناني منذ فترة شهرٍ، في محيط مخيم البداوي، قلق سكانه ومسؤولي الفصائل. أحد هؤلاء المسؤولين كان واضحاً جداً، فأعلن عبر «الأخبار»، أن الأجوبة التي تلقاها من مسؤولين في استخبارات الجيش في الشمال، لم تبدد مخاوف أهل المخيّم إطلاقاً. هناك، يحوم شبح نهر البارد. يتنقل بين جدران البداوي. لكن وفقاً لما يقوله مسؤول في أحد الفصائل الفلسطينية، في البداوي، «ما زلنا نجهل سبب الحصار حتى اليوم»، لافتاً إلى أن «الطوق الأمني المضروب حول المخيم يتسع ويُشدَّد كل يوم، ما يذكرنا بما كان يجري قبل اندلاع المعارك الدامية في مخيم نهر البارد في 20 أيار عام 2007». ومع أن هذه الإجراءات ليست جديدة، لا يمكن تجاهل ردات فعل السكان عليها. تزايدت منذ أحداث مخيم نهر البارد، وتسري شائعات دائمة في المنطقة، تتحدث عن احتمال لجوء مطلوبين إليه. ولعل أبرز ما حدث أخيراً، هو استحداث الجيش اللبناني يوم الخميس الماضي، موقعاً له في محيط المخيم لا يبعد سوى أمتار معدودة عن موقع تابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة.
نقل مسؤول في البداوي عن استخبارات الجيش نية إزالة مواقع فلسطينية
كان النقطة قبل الأخيرة، في حصار المخيم. أحكم الجيش طوقه الآن تقريباً. تبدأ إجراءات الجيش، من منطقة المنكوبين المحاذية للمخيم من جهة الشمال والبحر (حيث يشدد حاجز الجيش هناك إجراءات التفتيش والتدقيق في السيارات والعابرين)، وتمر بنقاط ومواقع عسكرية جديدة قرب تعاونية «ريفا» غرباً، وصولاً إلى منطقة العيرونية ومحيط مدرسة النور الإسلامية الخاصة المشرفة على المخيم جنوباً. عملياً، لم يبقَ إلا المدخل الشرقي للمخيم، عند حاجز «حركة فتح الانتفاضة» لجهة مدينة البداوي، وهو الوحيد الذي لم يخضع حتى الآن لإجراءات عسكرية علنية. وكشف المسؤول الفلسطيني، أن وفداً من الفصائل زار استخبارات الجيش في الشمال للاستفسار عن التدابير المتخذة، وأن الأخيرة أوضحت أنها «لا تستهدف موقع القيادة العامة، لكنها أكدت أنها تريد إزالة المواقع العسكرية الفلسطينية التي تقع خارج المخيم في الجهة المقابلة للطريق المحاذية منه لجهة الغرب، وهي 3 مواقع لحركة فتح وموقع للقيادة العامة». وعلّق مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة في الشمال أبو عدنان على الموضوع، في حديث مع «الأخبار»، مؤكداً أنه «لا مطلوبين أو فارين داخل المخيم، وأن الفصائل تمنع أي شخص مطلوب يحاول اللجوء إلى المخيم من الدخول، وآخر شخص طلبه الجيش منّا منذ أيام سلمناه إياه بعد أقل من ساعة، كذلك لا مواقع ومراكز عسكرية غير منضبطة، فضلاً عن أننا لم ولن نسمح لأحد باتخاذ المخيم موقعاً لاستهداف الأمن اللبناني وأمن المخيمات». أنهى عودة توضيحاته، قبل أن يطلق سلسلةً من الأسئلة: «لماذا التضييق على المخيم وخنقه؟ هل هناك مخطط ما أو مصلحة لأحد في ذلك؟ وهل هناك طابور خامس يعمل لافتعال مشكلة في المخيم لتوتير الأجواء مع جواره؟ لماذا لا ينسق معنا الجيش اللبناني حتى نمنع معاً تكرار مأساة مخيم نهر البارد ثانية؟». لا إجابات عن خوف عودة. لم يخفِ قلقه من أن يسبب تجاور مواقع الجيش مع مواقع الجبهة احتكاكاً لا يريده الفلسطينيون. وأشار عودة إلى وجود اتصالات مع الفصائل في بيروت، لمتابعة القضية مع قيادة الجيش والمسؤولين، لكن لا جديد في الأفق.
«بعد مأساة مخيم نهر البارد ووقف الإعمار فيه عقب صدور قرار مجلس شورى الدولة، يجري التضييق على مخيماتنا. وفيما نحن من دفع غالياً ثمن إنهاء ملف مخيم نهر البارد، نسمع أن من أوقعنا في هذه المصيبة يعيش في سجن رومية حياة مرفهة، فيما أهالي مخيم نهر البارد يعيشون حياة تشريد وتهجير بائسة»، هكذا ختم عودة حديثه.