رضوان مرتضىسيارة مسروقة مركونة في زقاق ضيّق، أمام منزل «مطلوب» بعدة مذكّرات توقيف. ثمة من يتعقّبه. ليست جهة أمنية رسمية، بل جهة حزبية نافذة في المنطقة. أبلغ أحد المسؤولين الحزبيين رجال التحري، أن «الهدف» بات في المنزل. يتلقى الرد: «لا يمكننا دهم المنزل، يجب علينا الانتظار حتى يغادره، أو استدراجه لاعتقاله في الشارع». «الهدف في الشارع». يُبلغ المسؤول الحزبي التحري عبر الهاتف. يُفاجأ بالرد: «صراحةً لا يمكننا اعتقاله»، والحجة «الغريبة»، بنظر المسؤول الحزبي، كانت «الخوف من دخول صبرا لإجراء أي اعتقالٍ أو دهم».
«هل مطلوب منّا أن نعتقله ونسلّمهم إيّاه على طبقٍ من ذهب؟»، يسأل المسؤول المذكور مضيفاً «ليست وظيفتنا كما أنها ليست سيارتنا». الدولة نفسها ترفض الدخول إلى صبرا فلماذا نحن؟ يكرر أسئلته. ويتهم الدولة بالحذر من الاصطدام مع الأهالي، معلقاً: «لماذا نصطدم معهم نحن». في موازاة ذلك، نفى مسؤول أمني رفيع علمه بالحادثة، مشككاً في ما إذا كانت قد حصلت فعلاً.
حدث ذلك ليل أول من أمس، لكنها ليست القصة الوحيدة من هناك. يعج ليل صبرا بالقصص. تملأ مياه الصرف الصحي الطرقات. 10 أمتار تقريباً، تفصل بسطة التاجر عن البسطة الأخرى. يجتمع حولها ثلاثة شبّان أو أربعة تُغطّي الوشوم أجسادهم شبه العارية. «ليك معلمي، السي دي بـ1000 بس انتبه نقّي منيح لأن الرد ممنوع»، يقول تاجر الليل. (تاجر الليل هو لقب يحمله باعة الأفلام الإباحية الذين ينتشرون ببكثرة في صبرا مساءً).
يُسِرّ لنا أحد السكان الشاكين من إهمال الدولة: «عمليات التشليح تنتشر بشكل لم يعد يُحتمل»، مشيراً إلى ولادة مجموعة جديدة تمتهن السلب، يرأسها شخص يُدعى «أبو الليث»، «كان اليد اليمنى لمطلوب سبق أن أُلقي القبض عليه قرب محطة الرحاب»، يُعرف بـ«الزير».
تجدر الإشارة إلى أن عدد سكان صبرا يبلغ ما يقارب 25 ألف مواطن من جنسيات مختلفة، يتوزعون على مساحة تُقدّر بحوالى 12 كلم مربّعاً فقط، ويعانون الإهمال الفاضح.