محمد نزاليقبع هشام الأطرش خلف قضبان السجن رهن التوقيف «الاحتياطي» منذ حوالى سنة وثلاثة أشهر. لم يصدر في حقه أيّ حكم طيلة هذه المدة، ما يُعدّ مخالفة صريحة للمادة 108 من قانون «أصول المحاكمات الجزائية».
أوقف هشام في 22 نيسان 2008 للاشتباه فيه بتهمة جرم تزوير عقود فتح اعتماد في أحد المصارف، حيث كان يعمل مشرفاً على ملف قروض التبغ. تقدمت عائلته من المحكمة بطلب إخلاء سبيل، فجاءت الموافقة مقرونة بكفالة عالية بلغت 50 مليون ليرة لبنانية، ثم ارتفعت إلى 500 مليون ليرة، بحسب زوجة المدّعى عليه. «هذا مبلغ خيالي ولا نقدر على دفعه، لذلك فإن قرار إخلاء السبيل هذا بمثابة رفع للمسؤولية عن القضاء، ما يعني رفض إخلاء السبيل بطريقة غير مباشرة»، تقول الزوجة، وتضيف «مضى على توقيفه أكثر من عام، وبات على المحكمة أن تطلق سراحه بحكم القانون».
تنص المادة 108 من القانون المذكور على أنه «لا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في الجنحة شهرين، يمكن تمديدها مدة مماثلة حداً أقصى في حالة الضرورة القصوى. وما خلا جنايات القتل والمخدرات والاعتداء على أمن الدولة والجنايات ذات الخطر الشامل، وحالة الموقوف المحكوم عليه سابقاً بعقوبة جنائية، لا يجوز أن تتعدى مدّة التوقيف في الجناية ستة أشهر، يمكن تجديدها لمرة واحدة بقرار معلّل».
لم ينف مصدر قضائي مسؤول لـ«الأخبار» حصول تأخير في بت قضية الأطرش، عازياً ذلك إلى وجود «تعقيدات في الملف. على أي حال رُفعت القضية إلى الهيئة الاتهامية، وبناءً عليه فإن محكمة الجنايات ستبتّها قريباً، وقد تُخلي سبيل الموقوف».
لا تقتنع عائلة الموقوف بـ«البيروقراطية المعمول بها في المحاكم. فما ذنبنا إن كثرت التعقيدات. ما نعرفه هو أن هناك قانوناً وأصولاً يجب أن يُعمل بها، من أجل إحقاق العدالة ورفع الظلم».
من جهته، رأى أحد المقرّبين من الجهة المدّعية (البنك) أن الموضوع «دقيق وحساس، لأن المسألة تتعلق بسمعة البنك»، متهماً الموقوف بأنه قدّ «ألّف عصابة للتزوير، ونحن لا نرغب في الكلام عن هذا الموضوع أكثر من ذلك». وتردّ زوجة الموقوف، ومعها وكيله المحامي حسين فنيش، على هذا الادّعاء بأن البنك «لم يذكر في ادّعائه قيمة المبلغ المختلس، وتهرّب من ذكر أي رقم، لأنه يريد تحميل هشام كل مشاكل ملف التبغ، من ديون وتراكمات مترتبة على البنك».
تجدر الإشارة إلى أن الجهة المدّعية لم تورد في ادّعائها قيمة المبلغ «المختلس»، ما دفع أقارب الموقوف إلى الاعتراض أمام المحكمة، مطالبين المصرف بتحديد المبلغ الذي
ادُّعي بشأنه، ولكن دون نتيجة، بحسب شقيق هشام وزوجته. لكنّ مسؤولاً قضائياً متابعاً للقضية أشار إلى أن المبلغ «يقترب من مليار و300 مليون ليرة لبنانية، ربما أضاعها المشتبه فيه نتيجة دخوله في مشاريع تجارية غير محسوبة».
ترى زوجة هشام أن الجهة المدّعية بما تملك من مال وعلاقات «استطاعت أن تماطل في إنهاء القضية». وتسهب بأسى في شرح معاناة عائلتها فتقول: «لا حول لنا ولا قوة في بلد يحكمه أصحاب المال، ونحن اليوم ما عدنا نطلب البراءة، بل نطالب بمحاكمة عادلة، وبأن تسير القضية ضمن سياقها القانوني».