أحيل موقوفو «خلية حزب الله» إلى محكمة «الطوارئ» في مصر. تسعى السلطات هناك إلى الطلب من الحكومة اللبنانية توقيف أحد كوادر حزب الله عبر «الإنتربول»، وتسليمه إليها. تعذيب السجناء متفشٍّ في مصر، بحسب منظّمة العفو الدولية. أين القانون الدولي من كل هذا؟
محمد نزال
قررت نيابة «أمن الدولة العليا» في مصر، يوم الأحد الماضي، إحالة 26 مشتبهاً في قضية «خلية حزب الله»، إلى محكمة أمن الدولة العليا/ طوارئ. اعترضت هيئة الدفاع عن المشتبهين على هذا القرار، ورأت أن الإحالة إلى قضاء استثنائي تحرم موكلّيهم «من أبسط الحقوق التي كفلها الدستور، ومنها حق الطعن بالأحكام». أصدرت الهيئة التي تضم المحامي منتصر الزياّت بياناً أكّدت فيه أنها ماضية في الدفاع عن المشتبه فيهم «حتى إثبات براءتهم، رغم الأجواء الصعبة التي تحيط بالقضية، بسبب التوتر فى العلاقات المصرية ـــــ الإيرانية، إضافة إلى استهداف المقاومة الفلسطينية»، كما طالبت بـ«التعامل مع القضية بحياد، بعيداً عن أي مؤثرات».
26 موقوفاً أحيلوا إلى محكمة «الطوارئ» المصرية. تضمّ اللائحة 18 مصرياً، 5 فلسطينيين، لبنانيّين اثنين وسودانياً واحداً. أوقف 22 منهم من قبل السلطات المصرية، فيما يستمر البحث عن 4 آخرين.
يوسف منصور المعروف بـ«سامي شهاب» هو أحد اللبنانيّين الذي أعلنت السلطات المصرية توقيفه على أراضيها، منتصف نيسان الماضي. أما اللبناني الثاني فهو محمد قبلان «المُتهم» غيابياً، وقد جاء في مذكرة الاتهام أنه اشترك مع منصور وباقي المشتبه فيهم بـ«التخطيط للقيام بأعمال إرهابية داخل البلاد».
علمت «الأخبار» أن السلطات المصرية تسعى إلى أن تطلب من الحكومة اللبنانية توقيف قبلان عبر الإنتربول، ونقله إلى محكمة أمن الدولة/ طوارئ في مصر، على خلفية مشاركته في الأعمال التي اتهم «شهاب» وآخرين بالضلوع فيها.
هل يصحّ تسليم هؤلاء «المطلوبين» قانونياً؟
قد يُثار جدل طويل حول هذه المسألة، ولكن من الضروري التنبّه إلى أن اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقّع عليها لبنان تحسم الجدل، إذ تنص في المادة الثالثة منها على أنه «لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلّمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب». أما الفقرة الثانية من المادة نفسها، فإنها توجب على السلطات المختصة مراعاة «ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، في حال وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية». وكان المحامي الزيّات قد ذكر في بيان له، أنه تقدم بطلب إلى نيابة أمن الدولة العليا لتوقيع الكشف الطبي على الموقوفين، معتبراً أن «تدفق المعلومات وحالة البلاهة وردة الفعل غير الطبيعية التي كان عليها المتّهمون تثير الريبة»، وتابع أنه «رغم طلبنا منهم إبلاغ النيابة عن أي مكروه أو إكراه تعرّضوا له خلال عملية الاستجواب أو داخل محبسهم، إلا أنهم التزموا الصمت، وهي حالة لم أرها طيلة عملي كمحام». ويسعى الزيات إلى توضيح ما إذا كان المشتبه فيهم قد تعرّضوا لغاز أعصاب مخدر أثناء وجودهم في مكان احتجاز «غير قانوني» للحصول على اعترافاتهم من عدمه. «التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، أعمال مستمرة في مصر» هذا ما يؤكّده تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2009 الذي يتحدث عن «حالة حقوق الإنسان في العالم».
في سياق الحديث عن سعي السلطات المصرية طلب توقيف أحد كوادر حزب الله وتسليمه إليها، أكّد المتخصص في القانون الدولي الدكتور حسن جوني لـ«الأخبار»، أن لبنان «يمكنه أن يرفض تسليم أي مطلوب إلى أي دولة في حال وجود اعتقاد بأن التعذيب يمارس فيها»، إضافة إلى أن الاتفاقيات الدولية «أقوى من المعاهدات الثنائية التي تعقد بين بلدين».


ضحايا التعذيب: ميرفت مثالاً

توفّيت ميرفت عبد السلام بعدما دهمت الشرطة في مصر منزلها، في مدينة سمالوط، في شهر ت1 الماضي. وذكر تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2009 أن رجال الشرطة اعتدوا على ميرفت بالضرب، رغم أنها كانت حاملاً وتنزف، وأخّروا وصول الإسعافات الطبية إليها. تقدمت أسرة «القتيلة» بشكوى إلى النائب العام، فاعتقلت الشرطة عدداً من أفراد عائلة ميرفت «في محاولة على ما يبدو للضغط عليهم لسحب الشكوى»، بحسب ما جاء في التقرير الدولي. حادثة أخرى ذكرها تقرير المنظمة الدولية، عن وفاة عدد من الأشخاص أثناء احتجازهم، وذلك من جراء تعذيبهم. في أيلول الماضي، توفّي محمد عبد السلام في سجن أسيوط بصعيد مصر. زميل لـ«القتيل» أكد أن حراس السجن قتلوه بعدما اعتدوا عليه بالضرب.