رامي زريقتمثّل المنتجات التقليدية جزءاً لا يستهان به في الاقتصاد الغذائي الأوروبي، وخاصة في فرنسا وإيطاليا حيث تتعدّى نسبة المنتجات البلدية أو القروية أكثر من 15% من مجمل المبيعات الغذائية. يعود هذا النجاح إلى ظاهرة «العودة إلى الجذور» أو «العودة إلى الطبيعة» التي يتبعها الإنسان الغربي المرهق من ثقل المدينة ومن جحيم العواصم المكتظّة، والذي يحلم بالريف مع كل لقمة جبن ماعز أو كل حبة فراولة عضوية يتناولها. وفي لبنان، لا يزال المنتج القروي أو التقليدي يحظى بشعبية كبيرة، حيث نما خلال السنوات الأخيرة عدد من التعاونيات والجمعيّات المتخصصة بالغذاء التقليدي، يسقيها كرم المساعدات الأجنبية وعطاؤها. تزامن نمو هذه المؤسسات المحلّية، النسائية بمعظمها، مع انتشار ظاهرة الأسواق الريفية في المدن، مثل سوق الطيب وسوق الأرض، اللذين يعرض فيهما بعض المنتجين المحظوظين ما عجزوا عن بيعه في القرى التي انتقلت أكثرية سكانها إلى المدينة. حظيت هذه الظاهرة، التي توّجها معرض «أرضي» العملاق في الضاحية الجنوبية، ببعض الاهتمام السياسي، وهي لا تخلو من الأهمية، وخصوصاً في ما يتعلّق بمساهمتها في التنمية الريفية، إذ إنها تفتح المجال أمام صغار المنتجين والمتعاونين لتسويق بضائعهم من دون المرور عبر وسيط يستولي على النسبة الأكبر من الربح. إلّا أنها تعاني من ثلاث مشاكل هي: تشابه معظم الأصناف الموجودة، ارتفاع أسعارها وخلوّها من أية علامة ضامنة للجودة والشروط الصحية.
وقد تعاملت البلدان الأجنبية مع هذه المشكلة بتنظيم قطاع الغذاء التقليدي الريفي، وبوضع قوانين تضمن ضبط صحية المنتج وسلامته، وهذا لمصلحة المنتج كما المستهلك. يا ترى، أين ستكون هذه المسألة في سلّم أولويات الحكومة المقبلة؟