في صالة البيال، حيث كثرت في الآونة الأخيرة، البرامج الانتخابية واللقاءات السياسية، أقيم معرض للضيافة وفن الطهو. امتدّ المعرض على مساحة ضخمة، مدى خمسة أيام (من 25 إلى 29 نيسان)، استقبل خلالها آلاف الزائرين من جمهور الغذاء
محمد محسن
تشتد روائح المأكولات بطريقة لافتة، لكنها روائح غريبة بعض الشيء عمّا تشمّه في المطاعم المتكاثرة هذه الأيام، والسبب هو أن الطعام المطهو أمام أعين الزائرين، صيغته عضوية وغير مسمّمة بالمواد الحافظة. أكثر من 200 عارض ومشارك، توزّعوا على أجنحة معرض «هوريكا 2009 للضيافة وفن الطهو»، المنتشرة على بقعة مساحتها 3000 متر مربع في «البيال». أرقام تثير فضول كل مهتمٍّ بشؤون الغذاء والطهو. حين تهمّ بالدخول إلى المعرض، تلفتك دقّة التنظيم وبشاشة المستقبلين عند المدخل. وبدا واضحاً أن الزائرين، على كثرتهم، هم من المختصين بشؤون الطهو أو المطاعم، أو بالحد الأدنى من الشغوفين بهذه النشاطات. هكذا، جال الآلاف مدى أربعة أيام، في المعرض، الذي يمثّل فرصة للتلاقي والتعرف إلى كل جديد، يشمل فنون الضيافة والطهو. حضر الطهاة من دول عربية وأوروبية.
يسهل على المتابع، تصنيف هذا المعرض، في خانة النشاطات المساهمة في تعزيز القطاع السياحي، إذ إن الفنادق والطهاة يمثّلون طليعة المشاركين في فعالياته. تعكس أقسام المعرض التي يبلغ عددها عشرين قسماً، تنوّعاً في النشاطات، وهو ما فرض تنوّعاً في العارضين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الزبائن.
هكذا، يطالعك لدى دخولك، جناح التكنولوجيا، وفيه أجنحة تملأها آلات كبيرة الحجم، وكبيرة الأسعار أيضاً، جاء بها العارضون ليملأوا عيون من ينوي تجهيز فرنٍ أو معمل معجنات. على مقربة من هذه الآلات، أجنحة ملأتها حواسيب وصناديق حساب إلكترونية. يقدّم العارضون في هذه الأجنحة برامج متطورة، تساعد العاملين في المطاعم والفنادق على تسيير دورة العمل، عبر توصيل جميع الأقسام بعضها ببعض، إضافةً إلى ضبط المصاريف والمدفوعات بسرعة ووضوح. أما الموازين، فلها أجنحتها أيضاً، إذ تلمع أنواع وأشكال عديدة منها، يعرف كل زبون فوراً النوع الذي يحتاج إليه منها، تبعاً لحجمها وسعرها. في الجانب التقني والتكنولوجي، يرسم معرض «هوريكا 2009» صورة تجهيز المطعم أو المتجر أو معمل الحلويات من «بابوجه» إلى طربوشه.
على مستوى الطهو والضيافة، تزداد الانطباعات الإيجابية، مع ازدياد أجنحة الأطعمة الصحية، التي احتلت غالبية مساحة المعرض.
تجذبك رائحة فرنسية، تنبعث من قوالب جديدة، يجرّبها طباخ فرنسي، تعطي الكعك و«الكاتو» أشكالاً متنوعة، جذبت صاحبة أحد محالّ «الباتيسيري» ما دفعها إلى السؤال عن الأسعار وكيفية الوصول إلى الشركة المصنّعة.
بعض الطباخين، بدوا كأنهم يبتكرون أنواعاً جديدة من المأكولات أمام زوّار أجنحتهم. طباخ إيطالي يعدّل في شكل اللازانيا، فيما الطباخ الفرنسي يبدع في المعجنات، ويجهد الطباخ اللبناني في صناعة الأكل اللبناني «على أصوله».
أمّا المندوب الآتي من بولندا، فيعرض لمنتجات الدجاج البولندي الخالية من الدهون. يندر أن تجد جناحاً لمأكولاتٍ غريبة عن الواقع المطبخي اللبناني، دون أن تحجب كثرة الزبائن عن نظرك ما يجري داخلها، فتضطر إلى الاقتراب أكثر فأكثر. هنا جناح للبوظة الإيطالية والجميع يتذوّق مجاناً، وهناك جناح للنبيذ الفرنسي، والجميع يتذوّق أيضاً.
بدورها، كانت أجنحة الجمعيات والشركات الغذائية المتفرعة من جناح «الصحة الجيّدة»، التي تقدّم برامج تنحيف غذائية، أو مأكولات مستخلصة من الزراعات العضويّة، مليئةً بالمهتمين بنحافتهم. تندفع إحدى المشاركات، كلّما رأت جناحاً يرفع لواء التنحيف، تسأل عن أسعار البرامج، وكيفية الاستفادة منها، فيما تأخذ لائحةً بأرقام هواتف الأجنحة المختصّة بالزراعات العضوية. للملاحظة فقط، بحسب الأسعار التي ساقها مسؤولو التغذية، يستحيل على الفقير أو صاحب الدخل المحدود، أن ينحّف جسمه، وعليه تحمّل انتفاخ معدته إما من الجوع، أو من الغذاء الرديء.
في المعرض أجنحة للمكسرات والبسكويت وأنواع أخرى من الأطعمة. وكانت أجنحة المكسرات المحمّصة بدون الزيت قبلة الكثيرين، وكذلك البسكويت الآتي من خلف البحار، والمشبّع بالكريما الخالية من الدسم. العصائر أيضاً لها حصتّها، إذ لم يهدأ العاملون في أجنحتها، فتفرغ أكواب لتمتلئ أخرى. في أجنحة زيت الزيتون مسابقات لإيجاد الأفضل، وفقاً لفحوص مخبريّة ولآراء الزبائن أيضاً.
يصعب حصر المعرض وفعالياته في جولةٍ واحدة، وخصوصاً أنّك تحتار بين حضور ورش العمل أو مشاهدة إبداعات الطهاة المهرة وتذوّقها. المهم في الأمر أن «هوريكا 2009» مثّل بيئةً حاضنة لتلاقي الحضارات وتبادل الأفكار، وهو أهم ما يمكن قطعة حلوى أو لحم خالية من الدهون أن تقدّمه، إضافة إلى طعمها اللذيذ طبعاً.