حسين شحرورلو توقف الزمن برهة وراقب هذا الواقع الواسع من ناحية الحجم والمضمون فسيتسمر ويبدأ بالنظر. ستقع عينه على الحرب الأخيرة على غزة وكيف أن الجيران العرب «غسلوا أيديهم». تاهت عيون الزمن على الخريطة فوصلت إلى العراق ورأت نهر دجلة والفرات، وسمعت خرير دماء المدنيين يهدر. للأسف، لم يحالفهم الحظ في الحياة كي يمارسوا تجربة النظام الجديد المصنّع في «لوبي البيت الأبيض». أعجبت تلك العيون بصاحب البشرة السمراء البطل منتظر الزيدي. الرحلة مستمرة. ها هي الجولان على حالها من سنين وربما ستستمر لعقود لا مقاومة ولا كفاح. التفت الزمن ناحية الأنظمة العربية فرأى السعوديين يحاربون ميكي ماوس ويتجاهلون بني إسرئيل. الخريطة مليئة بالمناطق. ها هي دارفور والصومال. هناك شيء غريب يحصل لم يكن في الحسبان: قتل وجوع واضطهاد. إلى داخل البيت الأبيض كانت عيون الزمن تحدّق فرأت رجلاً أسود، وكأن العنصرية عند الأميركيين تاهت في أزقة شيكاغو وواشنطن دي سي.
التفت الزمن نحو بلاد الحرف والأرز، فمد يده على أرشيف السنين العابرة فلامست يداه صوراً لشهداء وأسرى وضحايا وعتاد جنود كغنيمة حرب. صور دمار وبيوت لا تصلح حتى لبيوت عصافير. إنها حرب تموز 2006: 33 يوماً من الصمود تكللت بإشراك المقاومة وإغراقها في دهاليز اللعبة السياسية، فسأل الزمن حينها أحد العمال: ما هو خيارك؟
العامل: المقاومة من أجل الحياة (أليست المقاومة خيار الفقراء والعمال؟).
فهذا الأرشيف لم ينتهِ. هناك ملف أسود قابع في كعب الدرج. قرأ الزمن محتواه فدهش بأحداث 7 أيار 2008. شاهد صور أبناء البلد مستباحة وبحر بيروت حزين كأمّ في وداع أبنائها. نظر إلى الشريط التلفزيوني وتتبع المصالحة اللبنانية في قطر. حينها توضحت له التحالفات الانتخابية ونتائجها في 7 حزيران 2009. فرح الشباب بتعديل الدستور، وطرح مفارقة خطيرة: هل سيكون السابع من حزيران أباً روحياً لسابع أيار جديد؟ تأوّه، هزّ رأسه، مضى نحو البعيد يبحث عن زمن معاكس. يا ليت شعبنا يرى مثله.