رياض عيسىلم يتأخر يوماً أبناء حاصبيا عموماً والعرقوب خصوصاً في الدفاع عن الوطن في جميع المناسبات والاستحقاقات الوطنية منذ ما قبل الاستقلال... فدفعوا ثمن ذلك شهداء وجرحى ومعتقلين ومبعدين وتهجيراً وحرماناً، حتى أضحوا المُدافع الأول عن حدود الوطن وسيادته واستقلاله. ولا يمكن المزايدة عليهم من أي جهة بالتزامهم خيار المقاومة الحقيقية.
ولم تتأخر المنطقة في تحديد هويتها السياسية عند حصول جريمة العصر، أي جريمة اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري، وما الزحف البشري من العرقوب وقرى حاصبيا إلى ساحات الحرية في تشييع الرئيس الشهيد أو الحضور القوي قي كل ذكرى سنوية إلّا تعبير عن الالتزام بمبادئ ثورة الأرز وخطها ونهجها.
إلا أنّ ما فاجأ ويفاجئ أهالي العرقوب، هو ذلك الإهمال واللامبالاة في التعاطي مع ملفات العرقوب وقضاياهم الإنمائية والخدماتية وحتى السياسية والانتخابية، ويكاد يكون سبب ذلك كله هو موقع العرقوب في هذه الزاوية من الوطن التي جعلته عرضة للصفقات أو المقايضات. وهنا نسجل أمام التاريخ عدم إنصاف العرقوب، ولا من أي مؤسسة أو جهة رسمية وفي مقدمتها مجلس الجنوب، إذ لم يُدفع أي تعويض للأهالي عن خسائرهم الكبيرة والكبيرة جداً لا قبل التحرير ولا بعده، أسوة بجيرانهم في قرى الجنوب.
فعلى مدى سنوات العرقوب ومنذ نشأته، كان الإقطاع العائلي يحدد هوية من يمثل المنطقة في المجلس النيابي، وطبعاً يحدد أولويات المنطقة الخدماتية، التي كان يسعى إلى أن يبقيها رهينة خطه السياسي.
وجاء الاحتلال الإسرائيلي ليجعلها استثناءً في حسابات الدولة والمرجعيات السياسية الجنوبية، واقتصرت عملية التنمية على بعض المعالجات السطحية، رغم كثرة المشاريع الوهمية التي بقيت على الورق، أو أن المستثمرين قبضوا ثمنها من دون تنفيذها.
وجرى تركيب الحلف الرباعي في انتخابات 2005 على حساب أهالي المنطقة وخياراتهم السياسية، حيث أعاد هذا الحلف تعيين بعض نواب المنطقة الفاقدين ثقة ناخبيها والغائبين عن همومها والمغّردين خارج سربها، الذين لم يغيّروا في واقع المنطقة قيد أنملة.
وها هو اتفاق الدوحة جاء ليسجل استثناءً في دائرة حاصبيا مرجعيون على حساب كرامة أبنائها وخياراتهم ومن دون أن يكون لهم دور أو رأي في اختيار ممثليهم في البرلمان، وبالتالي حرم أبناء الوطن متعة وحق خوض تجربة سياسية تؤكد دينامية أبناء العرقوب، وعدم تخليهم عن المشاركة في الاستحقاقات الوطنية.
وعندما يجرؤ أبناء العرقوب اليوم ويسألون عن هوية من سيخوض معركتهم النيابية (السياسية) في صفوف 14 آذار، بعد حسم النائب وليد جنيلاط موقفه من عدم استعداده لخوض المعركة في دائرة حاصبيا مرجعيون، وبالتالي عدم ترشيح درزي لمصلحة النائب أنور الخليل المرشح على لائحة الرئيس نبيه بري، تأتيهم الإجابة بأن المرشح جاهز ويترك لرئيس كتلة المستقبل النائب سعد الدين الحريري وحده تحديد المكان والزمان الذي سيعلن فيه المرشح السني، الذي يجب أن يمثل تيار المستقبل أو قوى 14 آذار، أي تطلعات الأهالي. ولكن ما يفاجئ أيضاً أن من بين الأسماء المتداولة ما لا يسرّ القلب، ومن سيعيدنا إلى الوراء أكثر من 30 سنة، وكأنه لم يحصل شيء ولا نضالات... سيركب البوسطة أناس ينزلون بالمظلة فيما كانوا أبعد ما يكون عن ثورة الأرز وناسها وشهدائها.
يجري اليوم تشاور بين فعاليات حاصبيا والعرقوب لاتخاذ موقف موحد من الاستحقاق الانتخابي المقبل، يُراوح بين المقاطعة أو الاقتراع بورقة بيضاء، وذلك إذا لم يُصَر إلى الوقوف على رأي الأهالي من المرشحين، أو إذا ما أعيد تكرار ما حصل عام 2005 علماً بأن أكثر من رسالة وبأكثر من اتجاه بعثها الأهالي إلى المسؤولين، وللأسف لم يفهمها أحد بعد، أو لم تصلهم حتى الآن.
على 14 آذار أن تقرأ جيداً خريطة العرقوب وحاصبيا، وهذا ما لم يفعلوه إلا بواسطة من هم ليسوا أهلاً لثقة الأهالي، وليس بهم تدار العملية الانتخابية، وليس بهم يُرفع الغبن عن منطقة عانت ولا تزال تعاني الغربة عن الوطن. وعلى قوى 8 آذار أن تعرف أنه لا يجوز أن تربح نائباً وتخسر شعباً أو منطقة.
وفي اعتقادي أنّ العرقوبيّين لن يقبلوا أن يبقوا رهينة لأحد، وستتحدث صناديق الاقتراع بهذا قريباً. أعيدوا العرقوب إلى الوطن أو أعيدوا الوطن إلى العرقوب... لا فرق ما دام الجميع يقر بأن هناك فراقاً بينهما، وخصوصاً أن التحرير من العدو حصل، ولا يجوز أن نستبدل أمر واقع بأمر واقع آخر.