سلوى فاضلالعامل هو من يمارس مطلق عمل لقاء أجر، من هنا اعتبرت نفسي عاملة بعيداً من أي شهادة أو خبرة أحملها، لذا سأروي لكم قصة مظلوميتي مع جماعة يعتبرون أنفسهم حرصاء على العامل، ويدّعون أنهم يمتثلون لقول الإمام علي في الحقوق. لكن على الأغلب أنهم لم يقرأوا رسائله إلى مالك الأشتر، كما لم يقرأوا خطابات قائدهم الذي يحترمون.
وباختصار شديد، حرمني مدير الهيئة التي كنت أعمل فيها كل حقوقي، إلا راتباً كان ينقص تبعاً للحسم غير الشرعي. والطرافة في الموضوع أنه لن يجد مكتبة تتّسع لنصوصه «الإبداعية» بشأن أصول الإدارة والمنهجية في العمل. دخلتُ إلى هذه الهيئة كموّثقة لتجربتها، براتب 800 ألف ليرة، وأنا الخبيرة في مجال عملي، إلا أن المدير المتابع تحديثات الإدارة في جميع أنحاء العالم، أضاف إلى مهمّاتي الآتية: أمينة سر، تنظيم وإدخال أسماء على برنامج التوزيع، سكرتيرة تحرير مجلة، بكل ما للكلمة من معنى، متابعة توزيع الإصدارات، متابعة المنشورات كلها، متابعة الموزع، متابعة عاملة التنظيفات، أمينة صندوق الدائرة التي أعمل فيها، مع ما يترتب عليها من تسديد النقص الحاصل في الصندوق، فتح مكاتب الدائرة وإقفالها.
كل هذه المهمات لم تؤهّلني لأن أصبح موظفة بحقوق، أبسطها الانتساب إلى الضمان الاجتماعي، بحجة أني متعاقدة على الملفّ، وأي تعاقد على الملف يُلزمني بالعمل بمهمّات دائرة كاملة؟
كنت بنظره، وبنظر الجميع مثابرة وكفوءة ونشطة، بدليل حصولي على مكافأة مالية، وشهادة تثبت كفاءتي، لكن كل ذلك لم يشفع لي بالتوظيف، لسبب فهمته وعرفته وتبيّن للجميع، إلا أن أحداً لم يقبل أن يفتح فمه وينطق بالحق، ألا وهو نيته توظيف زوجته التي لم تستطع الحصول على عمل في أي مؤسسة، طبقاً لكلامها أمام مسؤول كبير في الهيئة نفسها، فلم يجد المدير المحترم إلا أن يضغط عليّ، ويحاربني بأسلوبه المتعمّد، الموصوف بالطريقة الإيرانية، أي «الذبح بالقطنة».
وأنا لا حول ولا قوة لي إلا قلمي. حاربني بكل قوة، لدرجة أنه، رغم زيارتي لمن هم أعلى منه، لم يستطع أيّ منهم الوقوف في وجهه بحجة أن هامشاً معيّناً يسمح له بالتحرك ضمن مؤسسته. وبدا أن حل مشكلتي هو أن أقصد رأس الهرم. لكن هل يجب أن يصل المرء إلى رأس الهرم لتُحل مشكلة مع شخص ذي مآرب شخصية؟
وبعد تشجيع من هنا وهناك من مديرين في هيئة هذا المدير، تحمستُ وأرسلتُ شكواي، والشكوى لغير الله مذلّة.
لكن المشجعين والعارفين بخبايا الأمور نفضوا أيديهم خوفاً من طرد وزوال نِعم، لدرجة أن مسؤولاً كبيراً قال لي بالحرف الواحد: «ما قدرت اعمل معو شي، هل من امر شخصي بينكما؟».
ليس السبب إلا ما سيتبيّن للجميع لاحقاً. فمباشرةً بعد تركي العمل، تسلّمت «السيدة الأولى» المنصب، الذي كان يحرق قلبها، وتتمناه ليل ـــــ نهار، إلا أنها لم تتسلّم كل المهمّات، بل أحاطت نفسها بمساعدين ومساعدات من أجل مهمة كنت أقوم بها وحدي.