نبيل فارس حرفوشأنا عاشق أرضي، أرض الجنوب الصابر المتمرد، منبت شتل الدخان والتنباك، وكروم الزيتون والصفصاف. إنْ قلتُ نغمات قلبي ففيه حبي الكبير لذكريات الصبا، وحب الجمال والطبيعة. وإن قلت أرض «الطيبين»، فإنه شعب ودود صدوق، وقد تحمّل وزر الإقطاع وكابد وصبر وانتصر، فلحق بالعلم والمعرفة والثقافة وفضّلها مراراً على الخبز والطحين، فهضمها نهماً وهو الجائع أبداً إلى الكلمة الحرة، والفكر الثوري، فكان الجنوب قنبلة العرب، وناب الجنوب عن العرب، واختصر انتصاراتهم ومجدهم في كفاحه على قوس قزح وعلى صهوة فرسان البطولات!
جنوبيّ أنا! وتشدني أرضي إلى ترابها المعمّد بالعرق والتعب ودم شعبي وهمّ أهلي وجيراني، أما عشيرة قومي، فما خطت قدماً إلا إلى القمم والشواهق، حيث مقارّ النسور في قلعة الشقيف وجبل حرمون وتلال العرقوب وجبل عامل تحميها سيوف بنيها وشبابها وشيبها!
أما مشاتل الورد والحبق، وأشجار الصنوبر والسرو، في منعطفات مرجعيون ووادي جزين وبكاسين وقرى الفردوس المفقود، وحيث ترى أيضاً شقائق النعمان، فكلها غابات حب وعبق الياسمين والزعتر.
من جنوبي الصارخ الغاضب والمؤمن، بأن شعبه سطّر البطولات والصمود حتى أصبح الجنوب قطعة قلب ينبض ولو أُدمي وبكى على زهرات الشباب والأطفال والشيوخ والشهداء والضحايا.
جنوبيّ أنا؟ وماذا يعني؟
يعنيني الكثير وشعبي مفخرة التطور، والتواضع على كِبَر، والشجاعة مع الرأفة، والإقدام مع الكرم، والسماح مع الغفران، والضيافة مع الجود، نعم «فنجان قهوة أو كباية شاي»، من عندنا، تعني أصالة المضارب والمكارم والمحافل وأهل الخير والبركات.
أجل إنه لشرف عظيم، وحظ كبير أن أكون لبنانياً جنوبياً في المولد والنشأة وفي رئتيّ نسيم الجنوب، بلسم لبنان الكبير، وعسى الله يأتينا الفرج وإكليل الغار ويعمّ السلام القلوب والربوع.