رنا حايكلبّى أمس ممثلون عن جمعيات أهلية لبنانية عدّة تُعنى بشؤون الأسرة نساءً وأطفالاً، الدعوة التي وجهها لهم لمناسبة حلول يوم المرأة العالمي، «المجلس الأعلى للطفولة» و«مؤسسة الرؤيا العالمية» ومنظمة «كفى»، بمشاركتهم في طاولة الحوار التي عُقدت تحت عنوان «معاً، نساءً ورجالاً، لمناهضة العنف ضد الفتيات». ورغم أن عنوان الحوار ومداخلات الحاضرين شدّدا كثيراً على ضرورة اعتبار الرجل شريكاً لا خصماً، إلا أن الموروث الثقافي قد طغى على محاولات الصقل العلمية ليظلّ الذكر هو الخصم الحصري التقليدي في خطاب المشاركات، وإلا فلماذا لم تتطرّق إحداهن، ولو بإشارة سريعة، إلى العنف الذي تمارسه بعض النساء أيضاً، ولا سيما الأمهات، على الفتيات؟
إلا أن النقاش قد أثمر من هذه الناحية، إذ طرح البعض ضرورة استحداث آلية جديدة في الخطاب تستهدف الرجال. فكرة لم يحظ المشاركون بالوقت الكافي لبلورتها، إذ إنها طرحت من بين آلاف القضايا التي أدى تعدّدها إلى انحراف موضوع الاجتماع لمصلحة «المجلس الأعلى للطفولة». فبعدما عُدِّدت حالات العنف الذي تتعرض له الفتاة وتشمل التحرش الجنسي وزنا المحارم والإرغام على ممارسة الدعارة والزواج المبكّر أو التعنيف الجسدي أو المعنوي، ولا سيما مقارنتها بالذكر من منطلق دونيّ، انحرف الحديث نحو حقوق الطفل عموماً، ليتناول قضية التسوّل وحق الحضانة للقاصرين وفصل الأحداث عن البالغين في مراكز التوقيف. وقد اتفق المجتمعون، في خطوة جريئة منهم، على ضرورة تقويم نزوع الجمعيات عموماً نحو إغداق الأموال على إعداد الدراسات في هذه المجالات، ومن ثم «وضعها على الرف»، كما جاء في حديث منسقة المشاريع في جمعية كفى، غيدا عناني، من خلال تضمين توصياتها وخلاصاتها في مشاريع الجمعيات المستقبلية. في هذا السياق، تفاوتت الآراء في الخطوات التي يجب اتباعها مستقبلاً في قضية العنف الممارس على الفتيات. فقد قضت هذه الجمعيات سنوات طوالاً في معالجة هذه الآفة من خلال حملات التوعية وافتتاح مراكز الإيواء، ويقوّم اليوم ممثلوها إنجازاتهم فيها. بعضهم، مثل ضياء صالح، رئيسة مصلحة الشؤون الأسريّة في وزارة الشؤون الاجتماعية، يرون أن نشاط التوعية لم يُنجَز بعد، ويجب أن يستكمل، بينما أضاف إليه فريق آخر، مثل منسّق البرامج في مؤسسة الرؤيا العالمية، باتريسيو سويفا، ضرورة استصدار قانون يمنع ممارسة العنف ويعاقب عليها، ذاكراً مثالاً على ذلك، تجربة بلاده، التشيلي، التي نجحت في خفض مستويات العنف من خلال إرساء قواعد متلازمة لقانون فعّال ونظام تبليغ شفاف وسهل وحملات توعية متتالية.
حققت الطاولة المستديرة أهدافها لناحية ما أتاحته من تبادل آراء بين المجتمعين وإجماعهم على ضرورة مضافرة جهودهم في حملات توعية مستقبلية.