رامي زريقاجتمع مئات الخبراء والمهتمين بشؤون التنمية في اسطنبول خلال الأسبوع الماضي لمناقشة وضع المياه في العالم. كان هدف «المنتدى العالمي للمياه» فتح أبواب الحوار بشأن قضية توزيع الحق في المياه الدولية بعدل. عناوين كلها مهمة وأساسية تمسّ صميم الواقع في بلادنا الجافة. لذا قد يبدو الاحتجاج الواسع الذي نظمته الجمعيات المدنية التي توجهت من كل أنحاء العالم إلى تركيا للتظاهر ضد أهداف المنتدى مفاجئاً للبعض. فقد اتهمت هذه الجمعيات منظمي المنتدى بالسعي إلى خصخصة المياه ووضعها بيد الشركات العملاقة لكي تحقق أرباحاً على حساب حقوق الفقراء وصحتهم، كما اتهمتهم بالاختباء خلف شعار الشراكة الخاصة ـــــ العامة، الذي يعتبر أحد مقاربات الترويج للخصخصة، لتبرير وضع الخدمات الأساسية بين أيدي القطاع الخاص.
شككت هذه الجمعيات في شرعية المنتدى، وأصدرت بياناً يندد بالتوصيات التي خرج بها والتي لا تعترف بالحق الطبيعي بالمياه، إذ إنها لم تتضمن ضرورة حذف المياه من اتفاقيات التبادل التجاري، وتجاهلت فشل الخصخصة أمام تحقيق العدالة في توزيع المياه. كما أشارت الجمعيات إلى مئات التجارب المبنية على الشراكة بين الدولة والمواطن، التي نجحت في تحقيق العدالة في توزيع المياه على الجميع.
في الوقت ذاته، صرّح أحد أقطاب الحكم في لبنان خلال ندوة عن دور القطاع الخاص في التنمية أن «نظام السوق كأساس لتقدم المجتمعات وتنميتها خيار لا يجوز التراجع عنه»، مضيفاً أن «المخاوف من تلزيم المرافق العامة إلى القطاع الخاص لم تعد مبررة».
يكثر الحديث هذه الأيام عن دولة المواطن. أي دولة هذه التي لا ترضى بالشراكة مع مواطنيها في إدارة مرافقهم الحيوية؟ أم أن المقصود هنا هو قيام دولة الشركات التي يموّلها من المواطن؟