زحلة ــ نقولا بو رجيلييشترط خالد على سائق الفان قبل الخروج من بيروت، إيصاله إلى ساحة المنارة في زحلة. يوافق السائق، واعداً الراكب بإيصاله إلى حيث يشاء، شرط الانتظار بعض الوقت ريثما يمتلئ الفان بالركاب «أحلى ما نطلع فاضيين».
انتظر خالد على مضض، على أمل أن يمتلئ الفان قبل أن «ننام على الطريق». مرّت ساعة، وانتصفت الأخرى والسائق لا يزال يفتّش عن ركّاب. ينفد صبر خالد، فيصرخ «عيب عليكم، استحوا على دمكم وبطلوا هالعادة، ما رح حدا يركب معكم». لم تلقَ هذه الكلمات اللاذعة أي ردّ من السائق الذي تابع بحثه عن ركاب جدد، كأنّ شيئاً لم يكن. وقبل أن ينزل خالد من الفان، تحرك هذا الأخير.. أخيراً. لكنه قبل أن يصل إلى مستديرة شتورا، طلب من الركاب دفع 4 آلاف ليرة أجرة نقلهم من بيروت إلى زحلة. يدفع الجميع لمعاونه ليفاجأوا به عند وصوله إلى ساحة شتورا يطلب منهم الترجّل، والبحث عن وسيلة نقل أخرى تقلّهم إلى... زحلة، بعدما أعاد ألف ليرة لكل راكب. أما السبب؟ فهو أنه وجد ركّاباً إلى البقاع «الشرقي ومش قادر كمّل على زحلة». علا الصراخ، فتدخّل أحد الركاب قائلاً: «لو عرفنا بدك تنزلنا بشتورا، ما كنا طلعنا ولا دفعنا بنص الطريق». هذه الحوادث تحصل دائماً على خطّ بيروت ـــ البقاع، إلا أنه «لسنا كلّنا مثل هؤلاء المسيئين إلى المهنة»، كما يقول أحد السائقين الذين التقتهم «الأخبار». يحذّر هذا السائق زبائنه من مغبة الوقوع في شرك هؤلاء، وهو في كلّ مرّة يسأل من يلتقيهم في شتورا السؤال نفسه: «شو، نزّلكن بشتورا؟». يضيف: «هيدي مش أول مرة بيعملوها جرّسونا مع العالم، صاروا معروفين، وإذا بقوا هيك رح نشتكي عليهن للنقابة». أوضح السائق، الذي رفض ذكر اسمه، أن الأساليب التي يلجأ إليها هؤلاء «قد تعرّضهم لمشاكل مع ركابهم، والهيئة انو الكذب ملح الرجال بصحيح، بس مش كل مرة بتسلم الجرة، الله يبعتلهن شباب شبعانين من حليب أمهاتهن حتى يعملولهن شي عدّان خبيط (يضربوهم)»، كما حصل فعلاً «منذ أسبوع تقريباً، هجم عدد من الركاب على أحد السائقين، وأشبعوه ضرباً لأنّه لم يلتزم بإيصالهم إلى منطقتهم» كما قال. وأمام هذا الواقع، لا يجد الركاب سبيلاً سوى استخدام سيارات الأجرة بدلاً من الفانات، هرباً من «الشنشطة»، وخوفاً من «شي حادث قد يعيدنا جرحى أو أمواتاً إلى بيوتنا». هذا ما يقوله محمّد الذي امتنع عن ركوب الفانات في الآونة الأخيرة، وقد يكون هذا التدبير الوقائي الذي اتّخذه محمّد هو الحل الأمثل، وخصوصاً في ظلّ ارتفاع عدد حوادث سير الفانات على الطريق الدولية بين بيروت والبقاع.