إيلي حنالم تعد أعمال الأرض والزراعة تشغل وقت الشباب في بزبينا العكارية، ولا الحركة الثقافية التي سطع نجمها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. إذ التحق أكثر من نصف شباب القرية بالسلك العسكري والنصف الآخر توّزع بين جامعات بيروت أو موظفين وعمال في مناطق مختلفة، أقربها حلبا عاصمة القضاء. هناك مقهى الضيعة. يبلغ متوسط عمر قاصديه 40 عاماً، وهو لا يزال يحافظ على تخصّصه في اجتذاب كبار السن، على عكس مقهى الإنترنت حيث يمثّل دخول شخص يفوق سنّه 16 عاماً إليه خروجاً عن القاعدة. إذاً، أين الشباب؟ هل يُعقل أنهم في بيوتهم؟ وكيف لا وأقرب نادٍ رياضيّ إليهم يقع في حلبا، بينما يقع أقرب مقهى في منيارة، وأقرب دار للسينما في طرابلس؟!
«شباب الضيعة في البيوت». أربعة منهم عند فلان يدخنون النارجيلة ويلعبون الورق، وستة آخرون عند فلان يتابعون مسلسلاً مملاً. طبعاً السهرة للعاشرة ليلاً حداً أقصى، أما بعدها، «بحلف يمين ما في غير الكلاب بتسيطر على الطرق»، كما يقول أحد الظرفاء.
تسجّل عطلة نهاية الأسبوع نقطة في وجه روتين الأيام الباقية. إنّها الساحة، وما أدراك ما الساحة! مكان في وسط القرية يحلو للشباب التجمهر فيه، منهم من ينعم على السكان بحفل غنائي صاخب من «استديوهات سيارته»، ومنهم من يترقب سيارة «غريبة» ليرمقها بنظرة حادة تُفهم السائق بحظر عودته في المدى القريب.
الصورة على حدّتها ليست قاتمة تماماً، فبعض الضوء يتسلل خافتاً من مسرح الريف، الإطار الثقافي الوحيد الذي لا يزال قائماً وينجح في «شّد» بضعة شباب يتدربون ويأخذون أدواراً أساسية في المسرحيات المعروضة كل صيف. لم تعد بزبينا «قرية»، لكنها حتماً لا تشبه المدينة بشيء.