طرابلس ــ فريد بو فرنسيسدفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة والبطالة المستشرية بالعديد من الشبان، كما ببعض المسنين من أبناء الطبقات الشعبية الفقيرة في مدينة طرابلس، إلى اللجوء إلى مهنة فرز النفايات، لكونها تؤمن لقمة عيشهم. تراهم يجولون خلال فترات الليل ومع ساعات الصباح الأولى، يجمعون ما تيسّر داخل مستوعبات النفايات المنتشرة على الطرق الرئيسة وداخل الأحياء الشعبية، ليتحوّلوا بعدها إلى ماكينات تفرز الحديد عن التنك وعن الخشب وعن الكرتون والزجاج والبلاستيك، تمهيداً لبيعها لوسطاء متعاقدين مع شركات إعادة التدوير، وذلك لقاء مبالغ مالية قد تكون زهيدة نوعاً ما، لكنها تساعد العاملين في هذا المجال على مواجهة بعض أعباء الحياة.
ويبدو أن ثمة نظاماً يسيّر العاملين في هذه المهنة لتفادي المشاكل التي قد يتسبّب بها التنافس، إن كان لجهة التعامل مع الوسطاء وتأمين دفع المال فوراً، أو لجهة تقاسم المستوعبات وأماكن وجودها. ويحرص أحدهم، عامر (18 سنة)، على العمل خلال فترة الليل «لأنّ للنهار أعيناً والناس لا ترحم ولا تقدر الفقر والحاجة»، مشيراً إلى أنه أجبر على هذا العمل بعدما عانى الأمرّين من البطالة وأغلقت جميع الأبواب في وجهه. وقال «العمل في فرز النفايات أفضل بكثير من التسكع في الشوارع، وخصوصاً أن الغلّة اليومية من بيع الحديد والزجاج والتنك والكرتون تراوح ما بين 15 ألفاً إلى 25 ألف ليرة».
ويشير آخر، رفض حتى البوح باسمه الأول، إلى أن عمله «بواباً في إحدى المدارس لا يكفيني لسدّ أبسط حاجات أسرتي المؤلفة من زوجة وخمسة أولاد، لذلك ألجأ إلى مهنة فرز النفايات» التي يعمل فيها خلال الليل، مؤكداً أن «الشغل مش عيب، لكن الليل يستر المحتاجين والفقراء»، لافتاً إلى أن هذا العمل يساعده كثيراً على مواجهة أعباء الحياة، حيث يقدم له ما يقارب الحد الأدنى للأجور.
من جهته، قال رئيس اتحاد بلديات الفيحاء المهندس رشيد جمالي لـ«الأخبار» إن هذه الظاهرة مرتبطة بالفقر وبالظروف القاهرة التي تعيشها المدينة، ونحن لم نكافحها لأنها باتت تمثّل مصدر رزق لعشرات العائلات، لكننا نشدد على ضرورة النظافة وعدم فتح أكياس النايلون خارج المستوعبات، ونتخذ التدابير اللازمة بحق المخالفين، لأننا لا نستطيع أن نتهاون في نظافة المدينة». مضيفاً «أن اتحاد بلديات الفيحاء ينتظر تلزيم مشروع إنشاء معمل لفرز النفايات، الذي سيشيد بهبة من الاتحاد الأوروبي، بعدما قدم الاتحاد قطعة أرض قريبة من مقرّه لهذا الغرض، ولدى انتهاء المشروع سنستعين بكل العاملين الذين سيكون لهم الأولوية في التوظيفات نظراً للحالات الاجتماعية الصعبة التي يتخبطون بها».