عبد الفتاح خطاباحتاجت غزة الجريحة وأهلها البواسل، إلى وقفة عربية موحدة عاجلة، سواء اتخذت طابع اللقاء التشاوري أو عقد قمة طارئة، فإذا بالعرب يفيض بهم الكرم والجود، فيعقدون أربع قمم (الدوحة، الرياض، شرم الشيخ، الكويت)! ولمَ العجلة، و«العجلة من الشيطان»، فعدد ضحايا العدوان لم يتجاوز الألفين، وفترة العدوان لم تتعدَّ ثلاثة وثلاثين يوماً (أسوة بعدوان تموز 2006)، والرأي العام العربي والعالمي كان بحاجة إلى مزيد من التحضير!
العجيب أنّ التظاهرات جابت بعض أنحاء الأزمة العربية رافعة لافتات «حيف عليكم يا عرب»، وكأننا نتكلم عن جنس آخر لا يمت إلينا بصلة! فيا «عرب التظاهرات»، دعونا نوفر أقمشة اللافتات ونستخدمها للأكفان ما دمنا مستمرين في تخاذلنا وتقاعسنا وتجاهلنا لما يجري من حولنا، ودعونا أيضاً نوفر أصواتنا التي بحّت في الهتافات ونصبّها «أصواتاً» في صناديق الاقتراع، لنختار فيها أصحاب المبادئ لتبوّء مناصب المسؤولية والحكم. نحن «عرب المواسم» الذين لا نطيق صبراً على مقاطعة المنتجات الأجنبية، حتى ولو تحوّل ريع بعضها رصاصاً في صدور إخوتنا وأهلنا، سندفن غداً شهداءنا ونلملم جراحنا... بانتظار مجزرة جديدة، نعود فيها مرة جديدة إلى تبادل الاتهامات والتخوين في ما بيننا، وتدبيج البيانات والمقالات والقصائد، ونتبادل الصور المأساوية والمشاهد و«الكليبات» عبر «الإنترنت»، وندعو إلى الجهاد ضد العدو، وإلى الوحدة ولمّ الشمل، ومقاطعة البضائع الأجنبية، وعقد المؤتمرات والقمم العربية والإسلامية، ونتظاهر ونعتصم، ونناشد ونقلق ونستنكر ونستعطف العالم بأسره وقف إطلاق النار وانسحاب العدو.
ثم بعد أن يحقّق العدو مأربه، نجلس لنتصالح ونتباوس ونعفو عما مضى، ثم نشحن المواد الإغاثية والخيم، ونتخلى «لإخوتنا» عن بعض الألبسة المستعملة التي لم نعد نرغب بها... «وكفى الله المؤمنين» شرّ القتال!
المهم في كل ما حصل أن غزة، كما الجنوب اللبناني، بقيت غزة وشوكة في خاصرة العدو!