قبل 5 أيام من انطلاق عمل المحكمة الدولية، سرق مجهولون مكتب المحامي أكرم عازوري، وكيل اللواء جميل السيد. بدت الدوافع للوهلة الأولى مادية، لكن معنيين لم يستبعدوا أن يكون هناك من يريد الاطلاع على ملفات الدفاع
حسن عليق
كان مكتب المحامي أكرم عازوري، وكيل اللواء الركن جميل السيد، مقلوباً رأساً على عقب صباح أمس. الزوّار الكثيرون والصحافيون لم يحضروا لتغطية مؤتمر صحافي ينوي عازوري إقامته للتحدث عن قضية توقيف موكّله قبل أكثر من 3 سنوات، وعلى أبواب بدء المحكمة الدولية عملها. إذ إن سبب الحضور كان تعرّض مكتب عازوري للسرقة. فصباح أمس، دخلت عاملة التنظيف وابنة المحامي عازوري إلى المكتب الواقع في الطبقة الأولى من بناية مانهاتن، عند المدخل الجنوبي لشارع بدارو، لتكتشفا حصول السرقة.
كان الباب الرئيسي كما ترك مساء يوم الجمعة الفائت، لكن غرف المكتب لم تكن على حالها. ملفّات مبعثرة على الأرض، وكل الخزائن الخشبية مخلّعة. أما الخزنة الحديدية الموضوعة في زاوية إحدى غرف المكتب فقد نالها النصيب الأكبر من العبث: اقتُلِعَت من مكانها وفتحت بمنشار للحديد على ما يبدو.
اتصلت ابنة عازوري بوالدها، وأبلغته بما رأت. حضر المحامي إلى مكتبه مسرعاً، وبدأ يتفقد ملفاته وموجودات المكتب. ما أُخِذ من داخل الخزنة الحديدية هو مبلغ نقدي قدّره بنحو ألفي دولار أميركي. كذلك فقد جهاز تلفزيون حديث. لكن أبرز المسروقات حاسوبان محمولان يخصّان ابنتيه اللتين تعملان معه في المكتب. ولاحظ المحامي أن معظم الملفات الموجودة في المكتب جرى العبث بها. اتصل عازوري بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وأبلغه بما جرى، فحضرت على الفور دورية من قوى الأمن الداخلي، وبدأت تحقيقاتها، قبل أن تلحق بها دورية من مديرية استخبارات الجيش. رفع خبراء الأدلة الجنائية البصمات، وعاينوا الباب الرئيسي للمكتب ونوافذه. الباب لم يمسّه أحد بسوء، وكذلك النوافذ. لكن المحقّقين رجّحوا أن يكون من دخل المكتب قد تسلّق حائطاً من الجهة الشمالية للمبنى، ووصل إلى شرفة صغيرة، وتمكّن من رفع الستارة الكهربائية الخارجية ثم فتح النافذة وتسلّل منها. ويبدو أن السارق «أخذ راحته» في الداخل، إذ دخّن سيجارة ضبطت القوى الأمنية عقبها، فضلاً عن أنه شرب الماء. إلا أن الأجهزة الأمنية لم تتمكّن من تحديد توقيت الجريمة، وخاصة أن المكتب مقفل منذ مساء يوم الجمعة الفائت.
بعض من كانوا في المكتب استبعدوا إمكان أن تكون السرقة فقط هي دافع ما جرى، وخاصة أن بعض أجهزة الكومبيوتر التي لم تمسّ هي أثمن مما سرق. ورأى أحدهم أنه «من غير المفهوم أن يعبث السارق بالملفات القضائية»، مشيراً إلى أن ما جرى هو محاولة لسرقة ما يملكه عازوري من وثائق تتعلق بتوقيف اللواء جميل السيد قبل بدء المحكمة الدولية، فضلاً عن أنه رسالة إلى الأخير. أما المحامي أكرم عازوري، الذي تقدّم بادّعاء أمام النيابة العامة، فقال لـ«الأخبار» إنه سينتظر انتهاء التحقيق قبل أن يتحدّث عن دوافع الجريمة. وعمّا إذا كانت الملفات المسروقة تتعلّق بتوقيف موكّله، أجاب عازوري بأنه لم يتفقّد ملفات مكتبه بدقّة خوفاً من العبث بالبصمات الموجودة في بعض الأماكن، لكن نتيجة التدقيق الأولي أظهرت «أن ما سرق ليس مما لا يمكن تعويضه». ونوّه عازوري بسرعة استجابة الأجهزة الأمنية بعد اتصاله بها، مشيراً إلى أنه أبلغ لجنة التحقيق الدولية بما جرى.


استبعاد الدافع غير المادي

أكّد مسؤول رفيع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أنّ محقّقي الأدلة الجنائية رفعوا عدداً من البصمات وعقب سيجارة من داخل المكتب، مرجّحاً أن يكون هدف السرقة مادياً بحتاً، ومستبعداً أن تكون نيّة من نفذوا السرقة الاطلاع على مضمون ملفات الدفاع. وأمل المسؤول أن تؤدي البصمات المرفوعة من المكان إلى تحديد المشتبه فيه.