عمر نشّابةيتزامن موعد انطلاق المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع أسبوع ذكرى رحيل جوزف سماحة. تراقب «الأخبار» مسار العدالة في هذه القضية منذ ما قبل انطلاقها. وفي هذا النصّ تقرير مقتضب إلى رئيس التحرير عن منهجية «الأخبار» في تغطية أخبار المحكمة والتحقيقات وما آلت إليه:
إن البحث في تفاصيل تقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة والنصوص القانونية والمنشورات الأكاديمية الخاصة بالأصول المهنية في التحقيقات الجنائية، والتركيز على مدى ترابطها من جهة وعدم تلازمها من جهة أخرى، يمهّدان لتكوين رؤية واقعية وموضوعية لمسار العدالة.
أحد عشر تقريراً من لجنة التحقيق، وتقرير لجنة تقصّي حقائق في متناول أعضاء مجلس الأمن الدولي، شارك في تجميع مضمونها وصياغتها ضابط شرطة إيرلندي، المدّعي العام لبرلين، قاض بلجيكي كان يعمل في المحكمة الجنائية الدولية وقاض وأستاذ جامعي آخر كندي الجنسية سيتولّى منصب مدّعٍ عام في القضية. وشارك أيضاً قاضي تحقيق عسكري محلّي، ومحقق عدلي تنازل عن منصبه، وآخر أجبر على كفّ يده وثالث يمهّد لتسليم سيادة القضاء المحلّي، لأول مرة منذ قيام الجمهورية اللبنانية، إلى جهة دولية.
كذلك أسهم بجمع معلومات التحقيق، وما قد يُعدّ أدلّة جنائيّة، ثلّة من الأمنيّين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأميركا وكندا واليابان وهولندا وبلجيكا وتونس ومصر وغيرها. ورافق التحقيق نسف شعبي وإعلامي لقرينة براءة كلّ من يُشتبه فيه، بغضّ النظر عن توافر الأدلّة الجنائية أو عدمه.
بعد غد تنطلق المحكمة، ولن تصدر مضبطة الاتهام، لأن التحقيق لم يكتمل. لن تصدر مضبطة الاتهام، لأن المدّعي العام دانيال بلمار يعرف جيداً أن مصير الأدلة التي جمعها ديتليف ميليس لا صدقية قانونية لها حالياً، وينبغي جمع أدلة إضافية لتثبيتها أو استبدالها في مضبطة اتهام، وذلك من أجل حمايتها من تفوّق فريق الدفاع المحتمل، منهجياً وتقنياً.
تتعمّق «الأخبار» في بحث مزدوج: أولاً، غوص في الخصوصيات الهيكلية للآليات القضائية والإجرائية المعتمدة. ولا يقتصر ذلك على دراسة الهرمية المعلنة، بل يتعدّاها إلى بحث في الترابط الهيكلي بين المؤسسات السياسية والدوائر القضائية. ثانياً، دراسة الخصوصيات الإجرائية ومدى تطابقها مع ما تنصّ عليه القوانين والأنظمة. ويتطلّب ذلك مراقبة سبل الالتفاف على مقتضيات النصّ والتفسيرات والاجتهادات المتنوّعة والمتناقضة أحياناً.