تسبّب العدوان على غزة في خلق حوالى 40000 لاجئ، وفي تدمير مئات الآلاف من مصادر رزق الغزاويين، ما دفع بالمنظمات الإنسانية إلى مضاعفة توزيعهم لكميات المساعدات الإنسانية على أهالي القطاع. إلا أن هذه المساعدات وحدها لا تكفي، لأنها لا تؤمن المتطلبات الغذائية الكاملة، ويجب على هذه المنظمات التحرك بسرعة لإعادة إحياء الإنتاج المحلي للغذاء، كوسيلة وحيدة لضمان نظام غذائي متوازن.
فالقيمة الغذائية لهذه المساعدات ملتبسة، لأن المساعدات الغذائية وبرامج التدخل في مجال الأمن الغذائي لا تراعي دائماً اعتبارات الغذاء المتوازن في ما تقدمه من مساعدات: فهي تفتقر إلى التنوع كما أنها تعتمد أساساً على الحبوب والزيوت التي تعرّض مستهلكها للسمنة، من دون أن تمده بالكميات اللازمة من الطاقة والبروتينات. من المرجّح أن يكون هذا النقص هو أحد العوامل التي أثرت في ارتفاع معدلات الوفيات وسوء التغذية الحاد في العديد من المخيمات، حيث إن اختيار المساعدات الغذائية كان يحصل انطلاقاً من سوء تقدير احتياجات الغذاء والطاقة، فكان هدف الحصص الغذائية أن تؤمّن فقط «القدرة على البقاء» التي تتطلب استهلاك الشخص من 1200 إلى 1800 وحدة حرارية في اليوم، من خلال تأمينها 1900 وحدة. أما اليوم، فهناك توجه نحو اعتماد معيار أعلى، يصل إلى 2100 وحدة. لم تحظ الاحتياجات بتأمين العناصر الغذائية الدقيقة في المساعدات الإنسانية بالاهتمام الكافي، رغم انتشار الأمراض الناتجة من نقصانها بين سكان المخيمات، كمرض الحصاف. وحتى اليوم، لا تزال الوحدات الغذائية المقدمة غير مصممة لسد احتياجات اللاجئين من العناصر الدقيقة، كما أنها تفتقر إلى فيتامينات مثل الفيتامين «أ» و«س»، وعناصر أساسية أخرى مثل الحديد.
وتؤثر تركيبة العناصر الدقيقة على قدرة جسد البالغين في مقاومة الأمراض، كما تؤثر على نمو الأطفال وتطورهم، وقدرتهم على العمل والتعلم واللعب. أما نقصانها الحاد والممتد زمنياً، فخطورته تصل إلى حد التسبب في إعاقات مزمنة. مثلاً، يسبب نقصان الفيتامين «أ» فقدان البصر الليلي، كما يؤدي نقصان الأيودين خلال فترة الحمل أو الطفولة المبكرة، إلى التسبب بأضرار في وظائف الدماغ وبإعاقات ذهنية.
أما فقر الدم الذي ينتج من قلة تناول المواد الغنية بالحديد، فهو يضعف البالغين ويحد من قدرتهم على العمل، وخصوصاً لدى النساء في سن الحمل، الذين يمثّل تأمينها لهن شرطاً أساسياً لتجنيبهنّ تعقيدات صحية إنجابية.
على الإغاثة أن تغطي احتياجات الجسد اللازمة لإنتاج طاقة فائضة تمنحه القدرة على العمل بنشاط في إنتاج الغذاء بنفسه، وإعادة إعمار ما دُمّر من بيئته.
(الأخبار)