قاسم س. قاسمفي المخيمات، تختلف طريقة توزيع الكهرباء: هنا للأمم المتحدة دور ولمنظمة التحرير الفلسطينية دور، وبالطبع للدولة اللبنانية دور. وعبر هذه الأدوار كلها، يبدو أن «الشنكاش» ضائع لدرجة أن الفاتورة تدفع مرتين. كيف ذلك؟
ومن البداية الكهرباء اليوم تصل إلى المخيم، ولكن ما من جابٍ للفواتير مباشرة! وصل التيار للمرة الأولى عام 1963 بعد مطالبة «الأونروا» بتأمين التيار. قبلت الوكالة المهمة، لكن على نفقة اللاجئين الخاصة. فأنشأت محطات لتوزيع الطاقة المشتراة من مؤسسة كهرباء لبنان في المخيمات. وكانت تُمدّد عدادات داخل المخيمات حتى وصلت إلى 700 في مخيم برج البراجنة وحده، وكانت المؤسسة تجبي الفواتير بانتظام. بعد عام 1978، تأزم الوضع في المخيمات. فتنظيمات الثورة الفلسطينية حطّت رحالها فيه. ما أصاب موظفي كهرباء لبنان بالقلق من دخولها. وبتوقف الجباية، توقف الدفع بالطبع. وكانت الحرب، فاستمر الوضع. ثم جاء القصف الإسرائيلي عام 1982 ليسبب أعطالاًً بالشبكات، كما ساهمت الزيادة السكانية، والفوضى حينها، في لجوء سكانه واللبنانيين المحيطين به إلى السرقة معاً من المحطات، والتعليق على الكابلات.
بعد الاجتياح الإسرائيلي، قررت «اللجان الشعبية في المخيمات» تنظيم الكهرباء من جديد. فبدأت بتركيب علب كهربائية، فأصبح لكل منزل «ديجونتيره» الخاص، لقاء مبلغ 10 آلاف ليرة لبنانية لـ«اللجنة الشعبية»، تستخدم في تغطية مصاريف الصيانة ودفع أجرة العمال. عاودت مؤسسة الكهرباء ظهورها عام 1995. حين قامت لجنة تابعة للمؤسسة بجولة داخل مخيم برج البراجنة. بعد فترة نظمت المؤسسة «ضبط مخالفة» لأهالي المخيم بغرامة قدرها 695 مليون ليرة بسبب ما قالت إنه «تعليق غير شرعي على خطوط تابعة للدولة». دُفع الضبط بالتقسيط، بعدما جمعت اللجنة الشعبية المال من المخيم، وما زال يجري تحرير الضبط حتى ...اليوم. إذاً هكذا تدفع فاتورة المخيم؟ لا يبدو الأمر كذلك.
على ضوء شمعة، جلس مسؤول في اللجنة الشعبية فضّل عدم ذكر اسمه، يجيبنا: «بعد عام 1995، ركبت مؤسسة الكهرباء ساعات رقمية خاصة بالفلسطينيين، فاصلة عدادات اللبنانيين في محيط المخيم عن عدادات الأخير». ويتابع «تحسب هذه الساعات كمية استهلاك المخيم، وتُحوّل الفواتير إلى منظمة التحرير والأونروا». ترفع الفواتير للدولة اللبنانية التي تحوّلها لـ«الأونروا» التي تتعهد بدفعها. ولكن، ألا يكون الفلسطينيون يدفعون ثمن استهلاكهم ... مرتين. يقول هشام الدبشة من ممثلية منظمة التحرير «نعم، لكننا لا نريد الاصطدام بأحد». مضيفاً «لو كان معانا فلوس زي زمان لكنا دفعنا ما في مشكل، ولكن..».