ارتفعت وتيرة البناء في بعلبك ـــ الهرمل بشكل لافت منذ شهر ونصف، بعد تراجع سعر مواد البناء، وبات متعهدو الورش والعمال السوريون في سباق مع أحوال الطقس لتعويض ما فاتهم الصيف المنصرم الذي شهد تراجعاً في حركة البناء وصل إلى 25% نتيجة ارتفاع سعر الحديد الذي لامس طنه 1640 دولاراً

البقاع ـــ رامح حمية
«فورة البناء» في البقاع التي وصلت نسبتها حد 80% من الأعمال التي كانت متوقفة سابقاً، انطلقت مع «أول زخة مطر خريفية»، حيث بدأ سعر الحديد بالانخفاض يومياً حتى وصل إلى 600 دولار، بالإضافة إلى انخفاض أكلاف مواد البناء الأخرى باستثناء الترابة التي حافظت على سعرها برغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالمياً.
مصدر إداري في إحدى مؤسسات تجارة مواد البناء في البقاع، فضل عدم ذكر اسمه، أكد أن الانخفاض الحاد في أسعار الحديد دفع الناس للتريث بانتظار وصول السعر لأدنى مستوى ممكن. وحين وصل إلى 600 دولار سارع المواطنون لشراء المادة التي مثّلت «حجر العثرة» بوجه تشييد منزل حتى على «قد الحال». ولفت المصدر إلى أن «الركود الذي تبع حركة الشراء والناتج من الرهان على انخفاض السعر أكثر، دفع تجار الحديد، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، إلى رفع السعر بسرعة إلى 800 دولار، ما خلق تزاحماً على شراء الحديد بطريقة جنونية، ليبدأ ثانية بالتراجع حتى سعره الحالي بين 750 و730 دولاراً».
من جهتهم، أبدى متعهدو ورش البناء ارتياحاً لعودة الأمور إلى نصابها. فالصيف المنصرم كان كارثياً لناحية الخسائر، بسبب ندرة الورش التي لم تتعدّ أصابع اليد الواحدة. وذلك بسبب غلاء أكلاف البناء من جهة، وغياب السيولة بين أيدي الناس من جهة أخرى. ويعزو معظم المتعهدين عودة الحركة إلى انخفاض سعر الحديد.
المتعهد علي حمية أشار إلى أن مشاريع البناء في البقاع في «فورة لافتة»، حيث نفذ منذ شهر ونصف ما يقارب 7 ورش، ويعمل حالياً في اثنتين أخريين. وفي الانتظار حتى فصل الربيع المقبل حوالى «عشر ورش جاهز حديدها»، مشيراً إلى أن مشاريع البناء التي يتحدث عنها هي في بلدة بقاعية واحدة. عودة أعمال البناء في القرى البقاعية، ساهمت في عدم مغادرة العمال السوريين، وحتى عودة قسم كبير من الذين غادروا بعدما ندر وجود ورش خلال الصيف. فقد أكد المتعهد السوري محمد حميد أن العمل خلال الصيف كان «كارثياً»، حيث لم يتسنّ له تنفيذ أكثر من خمس ورش، فيما كان خلال في الأعوام الماضية ينجز ما يقارب «24 ورشة»، وأنه حالياً في سباق مع أحوال الطقس، ولن يغادر إلى سوريا في محاولة منه لتحصيل بعض الأرباح نتيجة ارتفاع عدد مشاريع البناء. أما عماد هلال فقد غادر إلى سوريا نهاية رمضان بعدما وجد أن العمل «قليل»، إلا أن زملاءه طلبوا منه العودة، ورأى أن ما ادخره خلال هذين الشهرين يوازي ورش فصل الصيف، مؤكداً أنه سيغادر إلى سوريا لقضاء فترة عيد الأضحى ومن ثم العودة في ما «لو ساعد الطقس».
بدوره، جهاد العبد الله، صاحب جبالة «لصب الباطون»، الذي يعمل بين البقاعين الأوسط والشمالي أكد أنه «ما عم نلحّق، باليوم الواحد صبتين أو ثلاثة، بينما لم تتعد في الصيف المنصرم الأربع صبات في الشهر». ويشير عبد الله إلى أن الأرباح من تعدد الورش باتت معقولة وتغطي نفقات العمال السوريين والمازوت والآليات. من جهة ثانية، يرى عبد الله أن انخفاض سعر الحديد دفع معظم البقاعيين إلى الشروع في مشاريع البناء بقصد الهروب من الارتفاع الكبير في التملك أو إيجارات الشقق، سواء في البقاع أو بيروت.
ارتفاع عدد ورش البناء رصدته سجلات البلديات لناحية تزايد الرخص التي رسمت «خطاً بيانياً تصاعدياً» منذ منتصف تشرين الأول، حيث لم تتجاوز الرخص بداية الصيف 25 في بلدية شمسطار مثلاً، وارتفعت بشكل ملحوظ في تشرين الثاني حتى وصلت إلى 54 رخصة، علماً بأن البلدية توقفت منذ فترة عن منح رخص الترميم. أما بلدية بدنايل فقد سجلت 65 رخصة بين قانونية وترميم، بالنظر الى مشاكل الضم والفرز في أراضي المنطقة.
أصحاب الورش بدورهم اعتبروا تراجع سعر الحديد السبب الرئيسي لعودتهم عن «قرار الامتناع عن البناء». وأكد أحمد سماحة أنه تراجع في الصيف عن فكرة البناء «لعدم توافر المال اللازم، فما معي لا يكفي ثمن حديد». لذا أودع المبلغ أحد المصارف. ولكن مع انخفاض سعر الحديد عاد ونفذ أساسات منزله «وصب السطح» تمهيداً لإكماله بداية الربيع المقبل.