آن م. ندّورالله... الإنسان... الحياة، ثالوث كوني منذ البدء وحتى اليوم لا نزال عاجزين عن تفسيره بالرغم من كل النظريات العلمية، الفلسفية، لأننا ببساطة أول ما نصطدم به هما «الخلق والموت»، الحقيقتان الأزليتان. حتى الدين اعتبرهما أمراً بديهياً غير قابل للنقاش، ليس فقط لأنه تعدّ على الألوهية بل لأن الدين نفسه غير قادر على إيجاد تفسير لهما!
من دون شك، وُجد الإنسان أو البشري في لحظة من اللحظات على هذه الأرض ليواجه قدره، أو ليؤدي مهمته.
«من التراب وإلى التراب نعود». لطالما استوقفتني هذه المقولة، لأنه من الأكيد أننا، جميع المخلوقات، حين نموت سنتحلل ونتّحد مع التراب. التراب الذي يغطي الأرض، الأرض بيئة النبات ومنبته، النبات الذي يعطي الأوكسيجين، الأوكسيجين الذي يحيي المخلوقات القاطنة على هذا الكوكب. التراب الموجود أيضاً في أعماق البحار، التراب الذي يستفيد منه الإنسان في البناء، في الزرع، في المواراة... التراب الذي لطالما كان مصدر نزاعات وحروب.
يُقال: «خلق الله الإنسان على صورته ومثاله...»، وحيث إن الله هو الكمال والأخلاق، فهل نرى أن الإنسان في هذا القرن وفي العصور السابقة تميّز بالكمال والأخلاق؟ ألم يكن هاجس الإنسان الأول (إذا اعتبرنا آدم هو الإنسان الأول) هو اغتصاب ما ليس له...؟ أو الحصول على ما هو محرّم، أو رفض إرادة قوة أعظم منه؟ وإذا كانت أطماع آدم جعلتنا نحن أبناء الخطيئة والطمع والشهوة، فهل نستطيع في الواقع أن نثبت أننا لسنا مقودين بأطماعنا وشهواتنا؟ وهل الإنسان الذي أوجده الله على صورته ومثاله يقطن في كوكب آخر؟
من أوجد الحروب؟ مَن خلق الاستعمار؟ مَن صلب المسيح الإنسان؟
فهل الله، أو القوة العظمى أو القوة غير المرئية، التي هي دون شك موجودة، بالرغم من الاختلاف على تسميتها، هي التي أوجدت الإنسان؟ أم الإنسان هو الجزء الأقرب إلى التصوّر البشري من هذا الثالوث الكوني؟ أم الإنسان الموجود في هذا العالم ليس إلا ابن الأرض الذي يحاول بلوغ الألوهية قبل الإنسانية؟
ومهما اختلفت التفسيرات وتعددت النظريات وتضاربت الآراء، ستبقى كلمات مجهولة المصدر تتردد في هذا الفضاء اللامنتهي والكون اللامنتهي، كلمات تقول «ويحك يا ابن الأرض جعلت نفسك إلهاً قبل أن تغدو إنساناً».