إصدار التشكيلات القضائية مُرجأ إلى أجل غير مسمى. هذا ما يؤكده عدد كبير من القضاة. ففي مجلس القضاء الأعلى 6 أعضاء فقط من أصل 10. وفيما لم يُنتخَب عضوان جديدان، ولم يُعَيَّن آخران، سيستقيل رئيس مجلس القضاء الأعلى
حسن عليق
حسم رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي أنطوان خير أمره، وقرر الاستقالة من السلك القضائي، عبر التقدّم بطلب لإنهاء خدماته قبل يوم 20 تشرين الثاني الجاري (الموعد الأخير لقبول طلبات الترشح لعضوية المجلس الدستوري). وقال القاضي خير لـ«الأخبار» أمس إنه سيترشّح لعضوية المجلس الدستوري في الأسبوع القادم، بصفته أستاذاً جامعياً منذ أكثر من 25 عاماً، وإنه سيطلب من وزير العدل إنهاء خدماته في سلك القضاء وتعيينه في منصب الشرف، ثم سينتظر صدور مرسوم بقبول هذا الطلب، أو سيبقى في منصبه حتى إحالته على التقاعد يوم 25 كانون الأول المقبل.
قرار خير ليس مفاجئاً، لكن اللافت هو لامبالاة السلطة السياسية تجاه ما يدور في العدلية. فمجلس القضاء الأعلى، الذي لم يعد يضم في صفوفه سوى 6 أعضاء من أصل 10 (الحد الأدنى للنصاب بحسب ما تنص عليه المادة السابعة من قانون تنظيم القضاء)، لم يتمكّن بعد من إصدار التشكيلات القضائية. ويواجه المجلس المذكور عقبات يهدد عدم حلها بـ«تطيير» التشكيلات إلى أجل غير مسمى، بحسب ما أشار لـ«الأخبار» عدد كبير من القضاة، وهو أمر لم يستبعده الرئيس أنطوان خير. ويوم أمس، أصدر خير بياناً بعد ترؤسه اجتماعاً لمجلس القضاء الأعلى، أسف فيه للعقبات التي وقفت بوجه إصدار التشكيلات القضائية، داعياً «المراجع المختصة إلى الإسراع في تعيين رئيس هيئة التفتيش القضائي وأعضائها وإلى تعيين خلف للعضو المستقيل القاضي سعد جبور». وختم رئيس مجلس القضاء بالتأكيد أنه لن يتوانى عن تحمل مسؤولياته «ولو بقيت لي من رئاسة مجلس القضاء الأعلى المدة الوجيزة. فليتحمل كل مسؤولياته».
وأوضح خير لـ«الأخبار» أن مجلس القضاء يستطيع نظرياً اتخاذ قرارات بوجود 6 من أعضائه، «لكن هل يمكن في بلد مثل لبنان أن تصدر التشكيلات بأكثرية 4 من 6؟» وأضاف: «إذا ردّ وزير العدل التشكيلات، ثم أصررنا عليها، كما جرى في التشكيلات السابقة، نكون بحاجة إلى توقيع 7 أعضاء». وفي المقابل، ذكر أحد أعضاء المجلس أن معضلة أخرى تواجه إصدار التشكيلات، تتمثل بغياب رئيس هيئة التفتيش القضائية عن المجلس منذ تقاعد القاضي محمد علي عويضة. وأشار إلى أن رأي رئيس هيئة التفتيش «مهم جداً في التشكيلات، وخاصة عند اقتراح تعيين قضاة محالين على التفتيش. إضافة إلى ذلك، فإن إصدار التشكيلات قبل إصدار مرسوم تعيين أعضاء هيئة التفتيش ورئيسها سيؤدي إلى تغيير بعض المواقع، وبالتالي تعديل التشكيلات». وفي هذا الإطار، كان وزير العدل إبراهيم نجار، قد أحال على رئاسة مجلس الوزراء في التاسع من تشرين الأول 2008 مشروع مرسوم تأليف هيئة التفتيش وتعيين رئيس لها، إلا أن المشروع لم يُدرَج على جدول الأعمال بعد. ومن ناحية أخرى، يحتاج اكتمال عدد أعضاء المجلس إلى أن يعيّن بمرسوم، قاضٍ بديل من القاضي سعد جبور، وهو ما كان نجار قد أحال مشروعه على رئاسة مجلس الوزراء الأسبوع الفائت، من دون أن يصدر بعد. أما انتخاب عضوين في المجلس بدلاً من القاضيين رالف رياشي وأمين بو نصار، فدونه عقبة طائفية تتمثل بعدم وجود رؤساء لغرف محكمة التمييز من الطائفتين الدرزية والكاثوليكية، لكي تتمكن الهيئة العامة لمحكمة التمييز من انتخاب بديلين لرياشي وبو نصار.