لا يكاد وزير العدل الأسبق الدكتور بهيج طبارة يجد الكلمات المناسبة لوصف ما آلت إليه أوضاع السلطة القضائية اليوم. يعبّر في حديث لـ«الأخبار» عن ذلك بأسى: «حرام. اسألوا القضاة والمحامين». يسأل عما يميز القضاة عن المواطنين الآخرين، ويجيب: «إنها ثقة الشعب الممنوحة لهم، التي تحوّلهم سلطة بين أفراده، وبين هؤلاء والإدارة والدولة». يجزم نائب بيروت بأن ما يجري اليوم في العدلية يفقد الناس ثقتهم بهذه السلطة، وأن «أقل ما يُقال أن العدلية متروكة». لا يظن طبارة أن الأمر مقصود. «فالحكومة الحالية عاجزة تماماً عن اتخاذ أي قرار بسبب أخطاء الولادة التي تشوبها. فحكومة الاتحاد الوطني تولد في العادة بعد عدوان خارجي أو بهدف تلافي أمر خطير. كان يجب أن تبصر هذه الحكومة النور بعد عدوان تموز، لا قبل الانتخابات النيابية». ويرى أن الحكومة التي «تحضّر للانتخابات يجب أن تكون مؤلفة من غير المرشحين، لا أن تصل الأمور إلى ما هي عليه في الحكومة الحالية. فمن المضحك المبكي، والطريف لمن لا يتألم لأوضاع البلاد، أن تجد نائباً من كتلة معينة لا ينتقد سوى الوزير الذي يمثل الكتلة المنافسة له، أو أن ترى الخصومة بين رئيس الحكومة ونائبه».يعود طبارة إلى القضاء الذي كان على تماس مباشر معه لنحو 10 سنوات، وهو الذي يمارس اليوم ما يشبه دور وزير العدل في حكومة ظل. يتوقّع أن تُعيّن الحكومة قريباً رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، ورئيساً لهيئة التفتيش، وخاصة أن وزير العدل أرسل مشروع مرسوم تعيين الأخير إلى مجلس الوزراء. وإذا لم يتوافق ثلثا مجلس الوزراء على اسم رئيس هيئة التفتيش، يقترح طبارة أن يلجأ مجلس الوزراء إلى القرعة، أو أن يفوّض الأمر إلى رئيس الجمهورية، «وخاصة أن المرشحين لرئاسة الهيئة لا يزيد عددهم على اثنين (يتداول عدد كبير من القضاة اسمي الرئيسين مختار سعد وأكرم بعاصيري)، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المرشحين لرئاسة مجلس القضاء الأعلى، إذ لا يزيد عددهم على خمسة حداً أقصى.
يرى طبارة أن ما يضع أمر التشكيلات القضائية على نار حامية هو قضية المتخرجين من معهد الدروس القضائية، الذين يصل عددهم إلى نحو 110 قضاة يتقاضون رواتبهم من دون أن يعيّن أي منهم قاضياً أصيلاً. يشبّه وضعهم بالتدرج الذي يخضعون له في المعهد، إذ يجري التعامل معهم كما لو أنهم قُصَّر. يتساءل طبارة عن سبب عدم النظر إلى وضع هذه الفئة من القضاة، التي تمثّل نحو خُمس الجسم القضائي، على أنه هدر للمال العام، مستغرباً تفريق رئيس الحكومة بين «الهدر المقونن وغير المقونن»، ثم يختم بالدعاء: أعاننا الله.