اقتسم فلسطينيو مخيم البداوي مساحتهم الصغيرة مع إخوتهم الذين هُجِّروا من مخيم نهر البارد منذ أكثر من سنة. كأنه لم يكفِهم ذلك، حتى يأتي من يتوعدهم بهجوم على مخيمهم، وهو ما نفاه الجيش والفصائل الفلسطينية
البداوي ـــ عبد الكافي الصمد
أشاع الخبر الذي بثته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) نهاية الأسبوع الماضي عن «تحضّر الجيش اللبناني للقيام بعملية أمنية واسعة في مخيّم البدّاوي»، قلقاً كبيراً في الأوساط المعنية في الشّمال، وتخوفاً من احتمال تكرار أزمة مخيم نهر البارد ثانية. وكانت الوكالة قد نقلت عن مصدر أمني لبناني أن «القوى الأمنية بدأت تعدّ العدة للقيام بعملية أمنية واسعة النطاق» في مخيم البداوي، الذي «هو نقطة بداية محتملة، إذا أشارت التحقيقات إلى أن المسؤولين عن التفجيرات الأخيرة التي طالت الجيش في طرابلس لجأوا إليه، بحماية مجموعات سلفية متعاطفة مع تنظيم فتح الإسلام».
وبعدما نفى الجيش في بيان أصدره أول من أمس صحة ما أوردته الوكالة، أكّد مسؤول في أحد الفصائل الفلسطينية في مخيم البداوي لـ«الأخبار» أن الضجة التي أثيرت حول المخيم متعلقة بحادث فردي جرت معالجته وفقاً للقوانين، من خلال التعاون بين الجيش والفصائل الفلسطينية. ولفت المسؤول إلى أن «المراجع الأمنية اللبنانية أبلغت القوة الأمنية المشتركة في مخيم البداوي أن اعتداءً حصل على أحد عناصر طوارئ زغرتا التابعة لقوى الأمن الداخلي في منطقة البترون، مطلع الأسبوع الماضي، وسُلِب منه المسدس الأميري العائد له». وأبلِغَت الفصائل أن التحقيق أشار إلى أن شابين اعتديا على رجل الأمن وفرّا بعد ذلك بشاحنة نقل صغيرة «بيك أب» إلى داخل مخيم البداوي.
وأشار المصدر إلى أن القوى الأمنية اللبنانية «أفادتنا بأن المسدس المسلوب عرضه للبيع في المخيم الشخصان المتهمان، وهما ربيع ي. وحسين ع، فألقت القوة الأمنية القبض عليهما داخل المخيم يوم الجمعة الماضي، بعدما تعرّف عليهما الشخص الذي عُرض عليه المسدس للبيع، في موازاة تطابق بعض سمات وجهي الشخصين وملامحهما (شطب في الوجه) مع ما ذكره رجل الأمن المعتدى عليه.
وأضاف المصدر أن الفصائل «اتفقت على رفع الغطاء عنهما، بعد توقيفهما وإجراء التحقيق الأولي معهما، وخصوصاً في ظل احتمال هبوب عاصفة ما على الشمال نعمل على عدم توجّهها نحو مخيّم البداوي، لأننا لا نزال نعيش تداعيات مأساة مخيم نهر البارد».
ولم يكتم المصدر «انزعاج الفلسطينيين من تصريحات بعض السياسيين عن أن تنظيم القاعدة موجود في المخيم، وأن من فجّروا باصات الجيش في طرابلس موجودون فيه». وأكّد جهوزية الفصائل «لتكون في مقدمة من يساعد السلطات اللبنانية لنحمي أمن مخيمنا وأمن الجوار المترابطين، كما نرفض أن يتخذ أحد من المخيم نقطة انتشار أو مخبأً له»، مشيراً إلى أنه «ألّفنا لجنة ستزور المسؤولين الأمنيين في طرابلس والشمال، للتأكيد لهم أننا لسنا مستعدين لتغطية أي قضية تمسّ الأمن اللبناني أو أمن المخيّمات».
ورأى المصدر أن بيان قيادة الجيش «أراحنا كثيراً»، وخصوصاً بعدما أكد «عدم صحة ما جرى تناقله، وأن ما طُرح هو من نسج خيال كاتبيه وناشريه». وكان بيان الجيش قد ذكر «أن المخيمات الفلسطينية تضم إخوة أشقاء، وليست بأي حال من الأحوال مأوى للإرهاب وللأعمال المخلة بالأمن، كما أن العلاقة ما بين المؤسسة العسكرية والقيادات الفلسطينية علاقة ممتازة، محورها الثقة والتعاون في سبيل إيجاد الحلول للقضايا المشتركة».