يلازم مجموعة من التلامذة منازلهم بسبب حجز المدارس الخاصة للإفادات التي تخوّلهم الانتقال إلى المدارس الرسمية. يعجز الأهالي عن تسديد المبالغ المتراكمة عليهم. يخشى هؤلاء من أن يكونوا خصماً قضائياً للمدارس، ويطالبون بإعادة النظر بما يسمى طلبات الاسترحام لإنقاذهم من ورطتهم
البقاع ــ رامح حمية
تخلى بعض البقاعيين من أصحاب الدخل المحدود هذا العام على «مضض» عن تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة. فالأزمة الاقتصادية والمعيشية والأعباء المتراكمة والمتلاحقة التي تحيط بهم جعلتهم يعجزون عن تغطية الأقساط الجديدة والباقية من السنة الماضية. وإذا كان الأهالي رضوا بمغادرة بعض المدارس الخاصة، فإنّ هذه الأخيرة حجبت عنهم الإفادات التي تخوّل أبناءهم التسجيل في المدارس الرسمية، وهو ما أبقى مصير هؤلاء معلقاً بلا تعليم بانتظار «المجهول» حيناً و«طلبات الاسترحام» حيناً آخر.
«شو ببيع البيت حتى سدّد الأقساط السابقة؟»، يقول علي سليم، وهو أب لخمسة أولاد، مشيراً إلى أنه عامل يومي يسعى إلى تعليم أولاده في المدرسة الخاصة ليقينه بالمستوى التعليمي الأفضل فيها، وحتى يعوضوا عليه عذابه. ويردف: «لا يهمني إن تعسرت الأمور المادية، المهم الأولاد يتعلموا». ويلفت سليم إلى أنّه «لم يعد بمقدوره تسجيل أبنائه في المدرسة الخاصة، لغياب السيولة المالية الكافية، فالحياة صارت صعبة، والمتطلبات الشتوية كثيرة، ولا مفر من التسجيل في المدرسة الرسمية كونها مجانية». يوضح أنّ المبلغ المتراكم عليه من السنة الماضية بلغ 3 ملايين و371 ألف ليرة، وأنّ المدرسة الخاصة المستحق لها المبلغ حجبت الإفادات لأبنائه إلى حين سداد الأقساط المترتبة في ذمته. ويؤكد سليم أنّ أولاده سيبقون في البيت حالياً، بانتظار الفرج من الله. يبدو متيقناً من عدم إمكان تغطيته لنفقات المنزل، فكيف بالأقساط السابقة؟».
من جهته، يشير هيثم زعيتر إلى أنّه جرى حجز إفادتي ولديه في مدرستهما الخاصة السابقة بسبب قسط من السنة الماضية، وقدره مليونا ليرة، موضحاً أنّ راتبه لا يتعدى 650 ألف ليرة ولا يمكنه في ظل الغلاء الحاصل والمتطلبات الكثيرة خلال هذا الفصل من السنة أن يوفّر جزءاً من الأقساط المترتبة عليه، «وأنّ المدرسة الخاصة لا تمنح بعض الوقت لتأمين المبلغ، لذا كان القرار انتظار المجهول، أو الحل من وزارة التربية بطلبات استرحام».
مصدر تربوي في البقاع يؤكد أنّ هذه المشكلة تسبب إرباكاً في التسجيل، إذ ترتب مسؤولية على عاتق كل مدير، فلا يمكن تسجيل أي طالب من مدرسة خاصة من دون إفادة، مشيراً إلى أنّ الإفادات كانت تعالج أيام الوزير عبد الرحيم مراد وفق آليتين، الأولى جمع الأسماء التي تحتاج إلى إفادات ضمن إحالات تحمل تسمية «طلبات استرحام»، بالنظر إلى الأوضاع المعيشية، فتوقع من الوزير والمنطقة التربوية ويطلق عليها تسمية «مبرر»، ما يعني السماح بالتسجيل، أما الثانية فكانت عبارة عن طلبات صادرة عن الوزير بتعميم اسمه «طلبات استرحام» من بيروت إلى المناطق التربوية. لكن هاتين الآليتين أُلغيتا أيام الوزير خالد قباني، وأضاف: «حالياً تحتاج المسألة إلى تقدم الشخص كل يوم جمعة من لجنة في قصر العدل تسمى لجنة التحكيم، مؤلفة من رئيس المنطقة التربوية والقاضي المختص ومندوب محام عن المدارس الخاصة، ومندوب عن المحافظ وآخر عن المدرسة الخاصة المسؤولة عن الإفادة، فيجري البحث في القضية ويبت بها».
هكذا بين أهل عجزوا عن تسديد ما عليهم من أقساط، ومدارس خاصة لا تمنح إفادات حتى استيفاء أقساطها، يبقى أن هناك تلامذة يتميزون بمستويات تعليمية جيدة، يفتقدون حتى اليوم إلى مدرسة تحتضنهم للعام الدراسي الحالي، فهل ستسارع وزارة التربية إلى إنقاذ هؤلاء وتمنحهم طلبات «الاسترحام»؟.


التزامات المدارس الخاصة

يؤكد مدير إحدى المدارس الخاصة أنّ بعض الأهالي يتقاعسون عن تسديد الأقساط التي تتراكم عليهم، بذريعة الوضع الاقتصادي المتردي. لا ينظر هؤلاء، حسب المدير، إلى التسهيلات والحسومات والإنذارات الموجهة إليهم. ويشير إلى أنّ الأهالي يتعاملون مع القضية «بلامبالاة واضحة»، وكأنّ تحمّل المدرسة لهم واجب عليها وتحصيل حاصل. يوضح المدير أنّ لدى المدرسة الخاصة التزامات تجاه طلابها، مثل تنظيم النشاطات اللاصفية، وكادرها التعليمي الذي يضم أساتذة يملكون متطلبات معينة، وبالتالي لا يمكن للمدارس التغاضي عن المتخلّفين عن الدفع منذ سنوات. يرى أنّ «حل حجب الإفادات المدرسية يبقى في يد محامي المدرسة الخاصة ووزارة التربية والتعليم العالي وأهالي التلامذة».