لا يثق الكثير من اللبنانيين بآليات المحاسبة الداخلية في الأجهزة الرسمية، وخاصة في القوى الأمنية والعسكرية. المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي تعد بالتحقيق في كل الشكاوى التي تردها بحق ضباط المؤسسة وأفرادها. فلنجربها
حسن عليق
أجّر نضال ز. منزلاًَ يملكه إلى رتيب في قوى الأمن الداخلي. لم يدفع الرتيب إيجار المنزل خلال الأشهر الأخيرة من سكنه، تاركاً المنزل بحاجة إلى بعض الترميم. لم يجد نضال مكاناً يلجأ إليه لتحصيل حقه. أشار عليه أحد أصدقائه بأن يتقدّم بشكوى إلى المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي. بعث برسالة خطية إلى المفتش العام العميد سيمون حداد سلّمها إلى حراس وزارة الداخلية. لم يثق نضال بدايةً بأن خطوته ستعيد إليه حقه. لكنه فوجئ بعد 4 أيام باتصال من المفتشية يُطلَب منه الحضور إلى وزارة الداخلية لمباشرة التحقيق في شكواه. بعد نحو 10 أيام، أجرت المفتشية تسوية للقضية تقضي بأن يدفع الرتيب حقوق نضال المالية بالتقسيط؛ ووقّع الرتيب تعهداً خطياً بالتزامه.
المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي تتبع لوزير الداخلية. وينقسم عملها إلى قسمين أساسيين: التفتيشات التي تقوم بها بطريقة مفاجئة إلى مراكز قوى الأمن الداخلي وثُكنها ونقاط الحراسة والسجون؛ والتحقيقات التي تجريها بناءً على إشارة وزير الداخلية. في الشق الأول من العمل، قال المفتش العام العميد سيمون حداد، إن ضباط قسم التفتيش نفّذوا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 279 مهمة تفتيش، أسفرت عن اقتراح معاقبة 33 ضابطاً و457 رتيباً و782 فرداً (تراوح العقوبات بين التنبيه والحبس، إضافة إلى إمكان اقتراح إحالة الملف على القضاء العسكري في حال وجود جرم جزائي). وهذه التفتيشات التي تجري من دون إعلام مسبق، تهدف بشكل رئيسي إلى التحقق من حسن سير العمل داخل القطعات. وتشمل مهمة المفتشين أوضاع المباني والآليات، والتزام الأفراد بدوام عملهم، فضلاً عن تفتيش الأسلحة ومدى التقيد بتنفيذ التعليمات والاستنابات القضائية. لكن، يقول رئيس قسم حقوق الإنسان في المفتشية العميد ناجي ملاعب، لا ينتج من كل التفتيشات توصيات بمعاقبة الأفراد والضباط. فأحياناً، يقترح المفتش العام التنويه بالضباط والرتباء. ويؤكّد حداد أن عديد قسم التفتيش لا يكفي لتنفيذ أكثر من مهمة واحدة كل 3 أشهر على الأقل في كل مركز من مراكز قوى الأمن الداخلي.
اما القسم الثاني من عمل المفتشية، فيتعلّق بالتحقيق في شكاوى تُقدّم ضد أفراد المؤسسة وضباطها. تبدأ آلية التحقيق بناءً على طلب من وزير الداخلية للتحقيق في شكوى وردته أو قضية علم بوقوعها، أو بعد ورود شكوى خطية إلى المفتش العام. وفي الحالة الثانية أيضاً، يجب الحصول على إشارة وزير الداخلية قبل مباشرة التحقيق. وعلمت «الأخبار» أن 4 تحقيقات فقط أجريت على مدى عام 2007. أما في العام الحالي، فقد تضاعف عدد التحقيقات، أكثرها خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وأبرز هذه التحقيقات هو ما يتعلق بالقضايا التي تثار بشأن أوضاع سجن رومية. وفي هذه القضية، أكّد العميدان حداد وملاعب أنهما سيقترحان على وزير الداخلية إعلان نتائج التحقيق فور انتهائه.
وإضافة إلى ما ذكر، أنشئ في شباط 2008 قسم لحقوق الإنسان في المفتشية، الذي له حق اقتراح اتخاذ التدابير العقابية بحق كل ضابط أو فرد يسيئ إلى حقوق الإنسان، فضلاً عن توعية رجال الشرطة على المعايير الدولية التي التزم بها لبنان في هذا المجال. لكن عمل القسم لا يزال في بدايته.
لا ينفي المفتش العام أن ثقة اللبنانيين بآليات المحاسبة منخفضة. وقد يكون ذلك هو سبب انخفاض عدد الشكاوى التي تصل إلى المفتشية. وهو في المقابل يدعو كل من لديه شكوى ضد أحد رجال الأمن الداخلي إلى المبادرة لإبلاغ المفتشية خطياً، أو إرسال كتاب إلى وزير الداخلية.


1744

وضعت المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي في آب الماضي رقم الهاتف المجاني 1744 لتلقي الشكاوى المتعلقة بحواجز الفتيش التي تقوم بها الشرطة، منذ أن بدأت بحملة التشدد في تطبيق قانون السير. إلا أن المعدّل اليومي للاتصالات التي ترد على الرقم المذكور لا يزيد على 15 اتصالاً، يتعلّق جزء كبير منها بشكاوى عامة تخص زحمة السير وأداء رجال الأمن. وينسق من يتلقى الاتصال مع غرفة عمليات الأمن الداخلي أو مع مفارز السير، ثم يعود ويبلغ المتصلَ بنتيجة عمله