عبد اللّه محمد دلوعتطالعنا وسائل الإعلام يوماً بعد يوم بشيء جديد من الفضائح والذكريات السعيدة أو المؤلمة التي مرّت في حياة أحد المرشّحين للرئاسة الأميركية، والتي قد تفيده أو قد تضرّ به بمجموع ما سيربح من نقاط من خلال استطلاعات الرأي. ولكن الأهمّ ما طالعتنا به وسائل الإعلام في الوطن العربي بعد إجراء استطلاع للرأي في ست دول عربية تؤكد أن هناك 60% من المواطنين العرب يتابعون باهتمام هذه الانتخابات وما ستسفر عنه النتيجة النهائية. وهناك من يجزم بأن هؤلاء الستين بالمئة يتمنّون فوز باراك حسين أوباما. فببساطة عندما يسمع المواطن العربي اسم حسين محشوراً في الوسط بين باراك وأوباما، فإن يرنّ في أذنه بشكل يبعث على الاهتمام والمتابعة، وخاصة بعد الحملات التي وجّهت ضده من الإعلام ومن خصومه الذين نعتوه بأنه صديق الإرهابيين. والإعلام صوّره من خلال الكاريكاتور وهو يلبس زيّاً إسلامياً ومدججاً بالسلاح، ومرة أخرى كتبوا تعليقاً بأن الدول التي يحكمها السود ـــ إشارة إلى أفريقيا ـــ هي أكثر الدول فقراً ونزاعات أهلية وحروباً مسلحة، وأقلّها أمناً.
هذا كله في الإعلام الأميركي، فيستغرب الإنسان العادي كيف أن هذه الدولة التي أنشئت منذ أكثر من قرنين من الزمن لا تزال تحمل النبرة العنصرية حتى مع المرشح الذي قد يصير رئيساً لها، فكيف ستكون سياستها تجاهنا...؟
وبالنسبة إلى المواطن العربي، فهو لا يزال يعي ويتذكر الحرب الشرسة التي خاضها الجمهوري بوش الأب (الخليج الثانية)، والآن يعود الجمهوري الآخر بوش الابن بحربه الأشرس والعشوائية ضد سعف النخيل ورمال الصحراء المتحركة منذ خمس سنوات وإلى الآن، والتي أسفرت عن ملايين القتلى والجرحى والمهجّرين.
لذا، فإن المواطن العربي يتوقّع عهداً من الاستقرار النسبي مع الشخص الديموقراطي المقابل للجمهوري والمناقض له. ولكن السؤال يبقى: ما الذي يجعل المواطن العربي متحمّساً، رغم المآسي كلها التي واجهها بسبب السياسة الأميركية حتى في عهد الديموقراطي كلينتون من حصار للعراق وقصف معمل الأدوية الوحيد في السودان، ما الذي سيتغير في السياسة الأميركية؟ هذه السياسة التي تتعامل بعنصرية مع ذلك الشاب الأسود الذي قد يصير رئيساً. فما هو المتوقّع منها تجاه القضايا العربية؟ وما الذي ننتظره منها؟ وما هي كمية المعلومات التي يعرفها المواطن الأميركي أصلاً عن منطقتنا العربية ما دام هناك 80% من المواطنين الأميركيين لا يحملون جواز سفر وكذلك أكثر من نصف أعضاء الكونغرس لا يحملون جواز سفر. بمعنى أنهم لم يغادروا الولايات المتحدة قط. وهذا يعني أن الصورة التي يملكونها عن منطقتنا العربية تصلهم فقط عن طريق الإعلام المنحاز والموجّه.
ببساطة، السياسة الأميركية قائمة في منطقتنا العربية على أساس أن هناك شركة أسلحة مشهورة تشغّل 300 ألف مهندس أميركي وتعيل 5 ملايين أسرة. فما مصلحتها أن ينتشر السلام في العالم؟ وما مصير هذه العائلات المسكينة عندما يتوقف خط الإنتاج ويتوقف البيع؟ هل تفتح أكشاك سجائر وصحف ويتحول أطفالهم إلى بيع الفلّ والياسمين على إشارات المرور؟
السياسة الأميركية هي التي تصنع السلاح الذي يقتل به الأخ أخاه، وهي التي تصدّر الأسلحة إلى إسرائيل لقتل آلاف الأبرياء وقصف المدن. فالقذائف التي سقطت على القرى اللبنانية لم يكن مكتوباً على أيّ منها صنع في إسرائيل. ولن يكون المسيح اللامهدي واللامنتظر ـــ كما قال زياد الرحباني ـــ الذي سيدخل المكتب البيضاوي بأحسن من سلفه. فإن دخَله ذلك الجمهوري فإنها ستكون بمثابة ولاية ثالثة للوالي جورج بوش، وإن دخله ذلك الديموقراطي الأسمر فسيظل مقيداً بعهود ومواثيق الولاء السرية للكرسي الصهيوني
المقدّس.