المدخل: تعيش صيدا حالة خواء شبابي، بعدما كانت المدينة التي حضنت رموز النضال اليساري في لبنان. والسبب غياب المنظمات الشبابية والطالبيّة التابعة لأحزاب عروبية ويسارية والمستقلين عن الساحة
صيدا ـ خالد الغربي
تكاد المنظمات اليسارية والمستقلة تغيب عن العمل الشبابي والطالبي في صيدا، بعد سنوات من النضال حول العناوين الوطنية والاجتماعية والمطلبية والأكاديمية لترجمة الثالوث اليساري المقدّس «خبز، علم وحرية».
وتطرح اليوم أسئلة عن تراجع نشاط قطاع الشباب والطلاب في التنظيم الشعبي الناصري وحركة الشبيبة الديموقراطية (المنظمة الشبابية للحزب الديموقراطي الشعبي) واتحاد الشباب الديموقراطي الذي يغيب كلياً عن المدينة. في المقابل، فإنّ معظم العناصر اليسارية المستقلة التي عملت سابقاً انضمت إلى تيار المستقبل أو اليسار الديموقراطي. كذلك يتوجه بعض هؤلاء المستقلين نحو خيارات أصولية لاعتقادهم بأنّ الإسلام هو الحل للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وكان موقع صيدا على خط تماس مع ملفات أساسية عدة أسهم في شحذ همم المجموعات الشبابية، وبات كل من مركز معروف سعد الثقافي وجمعية الأدب والثقافة والنجدة الشعبية بمثابة مقاهٍ ونوادٍ لاستقطاب الطلاب والشبيبة وخوض نقاشات وتحديد الخيارات والنضال. حراك بدا أبعد من مجرد «شاب واستحلى» وكأنه يؤسس لحركة دائمة. من هذه الملفات تحرير أرنون، مواجهة المشاريع الاقتصادية والسياسات المالية ومعارك الحريات في لبنان، تحرير الجنوب واندلاع الانتفاضة الفلسطينية.
ويشير المسؤول في حركة الشبيبة الديموقراطية، عاطف الإبريق، إلى أنّ تقدم المشاريع الطائفية والمذهبية يؤدي إلى انتكاسة النضال العلماني واليساري، والعكس صحيح. ويضيف الإبريق أنّ الحركة تأثرت سلباً بالخطاب الطائفي، لكنها واصلت نضالها عبر دعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ودعم نضال الشعب الفلسطيني والعراقي. وينتقد التقصير الكبير الذي يكمن في تغييب القضية الاجتماعية والمعيشية عن جدول أعمال قوى اليسار أحياناً لمصلحة الدفاع عن المقاومة في ظل شلل ومصادرة الحركة العمالية والنقابية المناضلة.
كذلك، فإنّ المنظمات الشبابية خاضت في المرحلة السابقة معارك على مستوى المدينة فسبقت تنظيماتها في قضايا الدفاع عن الوطن والمعتقلين والأسرى ومعارك لقمة العيش ورفض الخصخصة ودعم الجامعة اللبنانية. وتلفت مصادر القطاع الشبابي في الشعبي الناصري إلى أنّ التنظيم وإن فشل في انتشاره الأفقي إلا أنّه امتلك كادرات شبابية وقاعدة أهّلته لخوض معارك مطلبية وشبابية ونسج تحالفات، فالتقى طلابه مع شباب التيار الوطني الحر في اعتصام مشترك في عام 2000 أمام مجلس النواب، بينما لم تمنع الخلافات السياسية توثيق تعاون أوسع مع منظمة الشباب التقدمي بعد تظاهرات مشتركة في عوكر رفضاً للسياسة الأميركية ودعم الانتفاضة. فيما باتت حركة الشبيبة الديموقراطية ملاذاً للشباب الماركسي في منطقة صيدا، وباتت آليات عملها تستقطب الشباب الصيداوي ولم يحل اتّهامها بالتطرف اليساري دون تصليب عودها، وأصبحت الشبيبة الديموقراطية، مع المنظمات الشقيقة لها، تؤرق بعملها في صيدا التيارات السياسية الأخرى.


يشير أحد ناشطي القطاع الشبابي في التنظيم الشعبي الناصري، جمال الغربي، إلى أنّ ثمة ظروفاً عدّة أفضت إلى تراجع اليسار، منها الانقسام المذهبي والعنف الفكري بحق الشباب. ويشير الغربي إلى مسؤولية الشباب لتخطّي كل المعوقات وإعادة الاعتبار للقيم الوطنية والديموقراطية.