بعد يومين على العثور على عبوة ناسفة بالقرب من مزار في بلدة لاسا، تفاعلت القضية وحوّلها بعض السياسيين إلى تجاذب طائفي رغم تسليم مفاتيحها إلى المطران
لاسا ــ جوانّا عازار
الطريق إلى بلدة لاسا الجبيليّة طويلة، والأخبار التي رافقت الخلاف على المزار في البلدة كثيرة. تاريخياً، بحسب ابن البلدة الكاتب والباحث والمترجم أنطوان عبيد، «كان هذا المزار كنيسةً. وقبل ذلك، كان ملكاً لآل حمادة، وعندما نزحوا من مناطق جبيل وكسروان إلى بعلبك بسبب عداء السلطنة العثمانيّة لهم، بدأوا يبيعون أرضهم. وعام 1865، أعجِب المطران (والبطريرك اللاحق) يوحنا الحاج بالمنطقة، فاشتراها، ومن ضمنها الأرض التي كانت سرايا آل حمادة مبنية فوقها. وأضاف عبيد أنّ الزمن هدم طرفَي السرايا وبقي الوسط، ليقوم بعدها المطران حنّا مراد بإقفال جوانب العقد، جاعلاً منه كنيسة للصلاة، لأنه كان يمضي معظم وقته في لاسا وكان يقيم القداديس فيها.
من ناحية أخرى، أشار ابن لاسا الشيخ محمد العيتاوي إلى أن الخلاف عقاري بين المطرانية وآل حمادة، مؤكداً أنه يملك توكيلاً رسميّاً وقانونيّاً للتصرّف بالعقار. وأشار العيتاوي إلى ضرورة أن يبتّ القضاء في الملف. وأضاف الشيخ أنّ «الموسم اليوم هو موسم انتخابات، وبالتالي حرّك الموضوع من جديد، مشدداً على أهميّة أن يأخذ التحقيق مجراه، وخاصّة أنّ الموضوع عمره مئة عام».
أما رئيس بلدية لاسا الحاج رياض المقداد فأكّد أنّ «الخلاف عقاريّ، وهو يستغلّ انتخابياً»، مضيفاً أنّ وضع العبوات الناسفة صباح أول من أمس قرب الكنيسة فاجأ أهالي البلدة، إلا أنّ الاتصالات بين التيّار وحزب الله أدّت إلى حسم الموضوع».
وتجدر الإشارة إلى أن قداساً كان مقرراً في الكنيسة القريبة من المزار يوم الأحد الفائت، إلا أن عبوة مصنوعة من قنبلتين يدويتين وكمية من البنزين كانت موضوعة قرب المزار، ما أدى إلى أن تضرب القوى الأمنية طوقاً حول المكان وتفجّر العبوة في مكان قريب، قبل إلغاء القداس.
بدوره، تحدّث ريمون قرقفي باسم التيّار الوطنيّ الحرّ، ليقول إن البعض حاول تصوير حزب الله على أنّه سبب المشكلة، فيما الحوار بين التيار والحزب بدأ منذ نحو شهرين، «وتوصّلنا إلى حلّ بعد تقديم الإثباتات أنّ المزار كان كنيسة، فتسلّم العماد عون المفتاح من عضو المكتب السياسي في حزب الله غالب أبو زينب، وسلّمه عون إلى لجنة وقف لاسا التي ستسلّمه بدورها إلى المطران أنطوان نبيل العنداري». وأعلن عون أمس تسلّمه المفتاح وإرساله إلى العنداري خلال مؤتمره الصحافي أمس.
بدوره، عقد النائب السابق فارس سعيد مؤتمراً صحافياً عرض فيه العلاقات التاريخية بين الشيعة والمسيحيين في جبيل، والتي لم تشهد حتى إبان الحرب أي نزاع طائفي. واتّهم سعيد أحد المشايخ المحسوبين على حزب الله بإثارة النزاع حول المزار عام 2001، ليُصار إلى حله عبر التواصل مع غالب أبو زينب، قبل أن يعود الشيخ ذاته لإثارة الأمر عام 2007. ورفض سعيد تسليم مفتاح المزار لغير الجهة المعنيّة، وهي المطرانية.
أمّا عضو تكتّل التغيير والإصلاح النائب عباس الهاشم فقال لـ«الأخبار» «إنّ كلام العماد عون وكلام الإخوة في حزب الله يؤكّد أنّ كلّ بيوت لاسا هي كنائس للمؤمنين، وبالتالي من يستغلّ بعض التباينات لإعادة ذكر اسمه في الإعلام، سيُذكَر فقط من باب الفتنة».