انتهت المدرسة الصيفية التي جمعت اثنين وعشرين شاباً لبنانياً وفلسطينياً في منطقة الرميلة في الشوف، وخرجت بتوصيات تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الشباب
الرملية ـ عامر ملاعب
تساؤلات عدة ترتسم على وجوه الشباب الفلسطينيين واللبنانيين المشاركين في الورشة أو المدرسة الصيفية التي ينظّمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع «المركز اللبناني للدراسات»، وبرعاية لجنة الحواراللبناني ـــ الفلسطيني في بلد الرملية ـــ الشوف. الورشة التي تحمل عنوان «الشباب اللبناني ـــ الفلسطيني نحو ثقافةالسلام» تهدف بالدرجة الأولى إلى كسر الحواجز بين هؤلاء الشباب. لم تكن التجربة سهلة، وخصوصاً بوجود أفكار مسبقة حملها كل طرف ضدّ الآخر، إلا أن الحوار مكّن هؤلاء من تخطّي عقبات عديدة والانتفاض على الصور النمطية السلبية التي كوّنها كل عن الآخر.
كيف يمكن معالجة التراكمات التاريخية، وآخرها ما جرى في مخيم نهر البارد؟ كيف يمكن تكسير حواجز الخوف والعنصرية وانعدام الثقة والفوقية المتبادلة، وعدم الارتياح إلى ما يطرحه الطرفان وما يخطط للمنطقة ككل؟ أين أصبح الحديث عن حق العودة؟ وغيرها من الأسئلة مثّلت محور الحديث والنقاش بين الشباب من أبناء مخيمي نهر البارد والبداوي، ودير عمار وببنين والمنية وعكار وبحنين وغيرها من المناطق الشمالية. وعرض كل شاب المشكلات التي يواجهها في المجتمع، والأسباب التي أدت إلى ابتعاد اللبناني عن الفلسطيني. كما شرح كل طرف موقفه من أحداث مخيّم نهر البارد ونظرته للأسباب والنتائج التي أدت إليها المعارك العسكرية.
وفي ختام الورشة التي استمرّت خمسة أيام، شرح المدرب جميل معوض سير عمل المدرسة خلال أيامها الخمسة، وكيف بدأت العلاقة بين المشاركين وكيف انتهت، ومدى التقدم الذي أحرزته على صعيد كسر حاجز نفسي بين الفريقين. ثمّ تحدّث مستشار رئيس لجنة الحوار الفلسطيني ـــ اللبناني زياد الصائغ عن أن «نشاط اللجنة يتركّز على ترميم العلاقة بين الفريقين من أجل تحصيل حقوق الفلسطينيين وتفكيك الالتباسات والتشوهات». وأكد أنّ «الحكومة جادّة في معالجة ملفّ نهر البارد وما تركته الحرب الأخيرة في مواجهة الإرهاب، وخاصة أن المجتمع الدولي يقف إلى جانب الحكومة في هذه المعالجة». كما أوضح الصائغ «أن الحكومة اللبنانية ترمي من وراء كل هذا الجهد إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين المعيشية والحياتية اليومية، وتطبيق القرارات الدولية بشأن حق العودة، وخاصةً القرار 194 والقرار 181 الذي ينص على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني». كما شدّد الصائغ على أنّ اللجنة تدعم تصحيح العلاقة التي بقيت مشوّهة خلال الستين عاماً الماضية «وما نقوم به اليوم جزء من النشاط، وملف المعالجة خارج أي تجاذب سياسي لبناني وأي معارضة وموالاة، وهي جزء من البنود المتفق عليها في مؤتمر الحوار الوطني».
وخرجت الورشات بتوصيات عدة تهدف إلى تحقيق تقارب فعلي بين الشباب اللبنانيين والفلسطينيين. وأبرز هذه التوصيات القيام برحلة مشتركة بين الشباب اللبناني الفلسطيني إلى مناطق لبنانية عدة، وزيارة المخيمات الفلسطينية، إضافة إلى زيارة مخيم البارد والبلديات المجاورة له. كما سينظّم الشباب معرضاً تراثياً ومعرض صور مشتركاً لبنانياًَ ـــ فلسطينياً في مخيم البداوي، إلى جانب إقامة حفلات فنية تعرض فيها slide show عن الدورات الخاصة بأعمال الشباب. كما خرجت الورشة بتوصيات بعيدة المدى، منها تنظيم مخيم صيفي ترفيهي هادف، ودورات رياضية بمختلف المجالات. كما يهدف المشاركون إلى خلق دوائر وحلقات اجتماعية وتوسيع دائرة العلاقات عن طريق اجتماعات مكثفة، والعمل لتقريب الشباب الفلسطيني اللبناني والأهالي اللبنانيين الفلسطينيين من بعضهم، ومحاولة التوصل لحل كل الخلافات، وصولاً إلى الطبقة السياسية.