كسائر مواطني بلدي العزيز، أعيش يومياً هاجس المؤامرة. شربته مع ‏الحليب الذي أرضعتني إياه والدتي، ولاحقاً مع النيدو بعد أن قاطعنا دانو ‏»الكافر».لذا، أحاول التأكّد دائماً من أنّ الخضار التي أشتريها من البائع ذي الأصول ‏السوريّة، غير ملغومة من بقايا النظام الأمني اللبناني ـــ السوري ‏المشترك.
كما أقوم بجهد كبير كي أفحص كل قطعة «دونات» قبل أن ‏ألتهمها، للتأكّد من خلوّها من أيّ فتنة أميركية. أتأكّد أيضاً من أنّ القهوة التي ‏أشتريها من الدكان نفسه لم تُصب بلوثات إسرائيلية. وأحاول، طبعاً، ‏التأكد من أن الحلويات العربية التي أحبها لم تخصّبها إيران نووياً كي تقتلني ‏أنا اللبنانية الأبية.
كسائر مواطني بلدي العزيز، أحسّ بفخر وزهو تلقائي من ذلك النوع ‏الفينيقي الأصيل، موديل 2005، كلما مشيت في الشارع، ورأيت عباد الله ‏الذين يسوحون في ربوعه. أحسّ بالكبرياء، وأنا أشمت بهم على ابتلائهم ‏بدُوَل «مش خرج سياحة» كي يأتوا إلى لبناننا ويصرفوا فيه أموالهم ‏ويعودوا بعد «كام بلفة مرتّبة».
وكسائر مواطني بلدي العزيز، أكفر بالله وأنبيائه ودياناته، من الوقت ‏الذي أفتح فيه عيني في الصباح حتى إغلاقهما في المساء، ولكني لا ‏أتقبل العلمانيين، واللاطائفيين، وخصوصاً اللامذهبيين. أولئك الذين ‏يقيمون حفلات تعبّد علمانيّة يحرقون خلالها كتابي «دافينشي كود» ‏و«آيات شيطانية».‏

ديما...