ربى أبو عموماذا لو قرر فجأةً أن يفشي أسرار كل من قصده عبر العصور؟ لن يصادقه أي من مخلوقات الشارع مجدداً. هذا احتمال. إلاّ أن البحر لن يستطيع طويلاً كتمان أسراره. لا بد أن يضيق صدره وينتفض، إذ يخاف أن يتحوّل هو أيضاً مجرد شارع آخر، بالحكايات نفسها.

لماذا تشعر بالإهانة حين ينعتك أحدهم بالحيوان؟ هل تحسّ مثلاً أنّك غبيّ أو قبيح، أو تتخيل أنك ستُضرب بالعصا، وتدوس الأقدام رأسك إن كنت صغيراً؟ دعنا الآن نقلب صيغة السؤال: لماذا لا تشعر بشيء حين أناديك «يا إنسان»؟ كأنني لم أضف إلى شخصك صفة جديدة. لم أستفزّك أو أحرّضك على ضربي. لم أحثّك على الإبداع. هل تشعر بإنسانيتك؟ هل تحسّها؟ أستحلفك بالله أن تشرحها لي. وإذا كنت ملحداً، أستحلفك بـِكل أبطال الثورات الأحياء منهم والأموات. أشعر بأن شفتيك تحاولان قول شيء. ربما تخاف الحقيقة. تخشى أن تبوح بأحد أسرار البحر، كأنك تترك المواجهة لأمواجه العاتية. فالإنسانية مشتقة من الإنسان الذي لا يشعر بشيء، وقد تعني الرفق بالإنسان والحيوان، إذاً هما متساويان. لا تغضب أو تهاتف زملاءك الحزبيين أبطال المتاريس الذين قضوا نصف عمرهم خلفها يدافعون عن إنسانيتهم، عن اللاشيء. فقد نسوا ما كانوا يدافعون عنه، والنتيجة هي مساواتهم بشريكهم الآخر في الأرض.
لا ترتعش حين أناديك بأسماء الحيوانات. تذكّر الطاووس والغزال، وافخر. تذكر أيضاً أن الإنسانية أنانية، تحتكر القضية. تقع فيها ولا تحرّرها. افخر لأن الحيوان يثق بغريزته بينما تثق أنت بإنسانيتك وتتصرّف بحيوانيتك.