إيلي شلهوبيبدو الارتباك واضحاً في التوجهات الخارجية لباراك أوباما. توضيحاته المتكررة لتصريحاته دليل ساطع عليه. جولته الأورو ـــــ شرق أوسطية الحالية محاولة لوضع حد له. يريدها مناسبة لتأكيد جدارته بالقيادة، وفرصة لتصويب مقاربته ملفات المنطقة والعالم. جولة تُعد مركزية في السباق إلى البيت الأبيض، بعدما باتت السياسة الخارجية العامل المقرر لهوية قاطنه المقبل؛ الاعتبارات الداخلية ترجّح كفة أوباما بالفوز، حسبما تُظهره استطلاعات الرأي، ومعها الكاريزما الشخصية للمرشح الأسود. وما عاد أمام منافسه جون ماكاين سوى إثبات أنه الأجدر بـ«القيادة»، مع سقوط رهانه على تأكيد أنه الأكثر «مواطنة» وولاءً للعلم الأميركي؛ يدفع باتجاه أن تكون الحملة الانتخابية حول المرشح الديموقراطي نفسه، لا مفاضلة بين اثنين.
المعركة الانتخابية دخلت ربعها النهائي، والصراع يدور حالياً على الكتلة العائمة، أو الوسط، ما يفرض على المرشحين الاتجاه نحوه.
المناورات الأخيرة لإدارة جورج بوش على جبهات متعددة (من المفاوضات مع إيران إلى الاتفاق مع بغداد على «أفق زمني عام» للانسحاب...) تسهّل على المرشح الجمهوري مهمته، على قاعدة أنه لا يمكنه أن يكون ملكياً أكثر من الملك. لكن الرياح تجري عكس ما تشتهيه سفن أوباما. تمسّكه بالانسحاب من العراق خلال 16 شهراً، الذي كان عاملاً رئيساً في الفوز بتسمية حزبه لانتخابات الرئاسة، يُفقده القدرة على اجتذاب الشريحة الوسطية المزهوّة بالتطوّرات الميدانية في بلاد الرافدين، وتصوّره بمظهر القائد العاجز عن قراءة الوقائع. وتخلّيه عنه يُفقده قاعدته الصلبة المعارضة للحرب وتصوّره بمظهر المتقلّب وغير الملزم.
يحاول المرشح الديموقراطي الخروج من هذا المأزق بمحاولة تبرير تصويب مقاربته للملفات الدولية بمشاهدات على الأرض وتقويم جنرالات الميدان، مع مراهنة على عناوين الصحف الأميركية، التي يتوقع أن تعكس خلال الأيام المقبلة مدى الترحيب الذي يلقاه في كل من أوروبا والمنطقة. تساعده على ذلك، بلا شك، استعادة القادة العراقيين لعزتهم الوطنية، ومطالباتهم اليومية بالانسحاب، استعداداً لانتخابات المحافظات خلال أشهر. في مقدمة هؤلاء نوري المالكي، الذي أربك تبنّيه لـ«خطة أوباما» المعادلة الانتخابية في واشنطن، ودفع البيت الأبيض إلى الضغط عليه لتصويب تصريحاته. يا لسخرية القدر.