تمكّن أطباء بريطانيون من إحداث تقدم كبير في علاج سرطان البروستات، وذلك من خلال دواء جديد يُعرف باسم «الابيراتيرون». العلاج في مرحلة التجارب، وكثير من الآمال معقودة عليه لمحاربة واحد من أخطر أنواع السرطانات وأكثرها انتشاراً
غادة نجار
يعد البريطانيون بخطوة مهمة في إيجاد علاجات لسرطان البروستات، «الابيراتيرون» هو عنوان هذا الاكتشاف، وتجري تجربته حالياً بطريقة مكثفة على نحو 1200 مريض حول العالم، ومن المرتقب أن تُجرى تجارب أخرى قريباً. ويأمل معهد البحوث السرطانية في بريطانيا أن يسوّق الدواء الجديد على شكل حبوب في غضون عامين أو ثلاثة أعوام.
ولفت الأطباء البريطانيون إلى أن العديد من المرضى الذين يخضعون للعلاج منذ أكثر من عامين أظهروا تحسناً كبيراً، وقاد هذا التحسن بعضهم إلى التوقف عن تناول أدوية المورفين لتخفيف الألم الناجم عن انتشار السرطان وامتداده إلى العظام.
وشدّد الطبيب المسؤول عن التجارب البروفسور جوهان بونو على ضرورة التأكد من صحة العلاج بعد تجربته على نطاق واسع، وأشار إلى أن تقدماً كبيراً قد تحقّق حتى الآن، ولا سيما مع مرضى سرطان البروستات الذين وصلوا إلى المرحلة الأخيرة من المرض. ومن المفترض حسب الأطباء أن يساعد الدواء الجديد على علاج المصابات بسرطان الثدي، وقد يستفيد منه 80% من المصابين بسرطان البروستات الذين لا يتجاوبون عادة مع العلاج الكيميائي المتوافر.
سرطان البروستات قد يصيب الرجال بعد سن الخمسين ــــــ في أغلب الأحيان ــــــ وهو من أخطر الأمراض، ويحصد سنوياً نحو 10 آلاف شخص في أوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وفق دراسات أميركية متعددة، كما أنه من أكثر السرطانات انتشاراً لدى الرجال في لبنان، إذ يأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد الإصابات بعد سرطان المبولة، وفق ما جاء في الموقع الرسمي لوزارة الصحة، ولكن دون تحديد أعداد المصابين، واستناداً إلى دراسة أُجريت عام 2004.
وكانت الوزارة قد أجرت دراسة عن نسبة انتشار مجموعة من الأمراض المزمنة والمستعصية في لبنان، ومن ضمنها تحقيق وإحصاءات عن مرض سرطان البروستات. هذا التحقيق اعتمد على آلية تتضمّن حملة إعلامية تشجع الرجال على إجراء الفحوص التشخيصية الضرورية والإجابة عن مجموعة من الأسئلة وإجراء فحص الـ PSA والفحص السريري المباشر لدى اختصاصيّي المسالك البولية أظهر أن 8.1% من الرجال الذين خضعوا للدراسة يعانون إصابة ما في البروستات. وتجدر الإشارة إلى أن الإحصاءات الرسمية (حتى تموز 2007) تبيّن وجود 345 مصاباً بسرطان البروستات في لبنان يتابعون علاجهم على نفقات برنامج الاستشفاء الرسمي.
عندما يبلغ الرجل سن الأربعين، لا بد له من إجراء فحص الـ PSA، وهو مؤشر مادة تفرزها البروستات في الدم بنسبة قليلة جداً في الحالات الطبيعية. هذه النسبة معرّضة للارتفاع بدرجات مختلفة تتعلق بخطورة أي خلل قد يصيب البروستات. وكما بات معلوماً، فإن أشد أنواع الإصابات وأخطرها هو سرطان البروستات الذي سجّل ارتفاعاً عالمياً بنسبة 30% في السنوات الأخيرة حسب إحصاءات قامت بها مجموعة من مراكز الدراسات والأبحاث في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
البروستات غدة تمثّل جزءاً من جهاز الرجل التناسلي، وهي تقع أسفل المبولة وتحيط بالقناة التي تُخرج البول من جسم الرجل، وبعض الأمراض التي تصيب الجهاز البولي قد تسبب ضرراً في البروستات.
من الأسئلة البديهية التي تُطرح: متى يجب أن يزور الرجل طبيب المسالك البولية للتأكد من سلامة البروستات؟ والإجابة هي ببساطة عندما يعاني مشاكل في التبول، أو أوجاعاً عند الجماع، أو إذا كان في عائلته رجال أصيبوا بسرطان البروستات، أو إن كانت والدته قد أُصيبت بسرطان الثدي، وفي هذه الحالات على الرجل مهما بلغت سنّه أن يجري الفحوص اللازمة.
يتميز سرطان البروستات بغياب أية عوارض مؤشرة إلى وجوده في كثير من الأحيان، وهو ينمو ببطء إذا ما قورن بغيره من السرطانات، لذا يكون التشخيص المبكر له مفيداً للحد من أضراره، وللقضاء عليه بشكل تام. هذا الأمر يتطلّب إجراء فحص PSA دورياً عند بلوغ الأربعين من العمر حتى في غياب أي من العوارض المذكورة آنفاً، إلى جانب الـ PSA الذي يتطلب إعطاء عيّنة من الدم في المختبر، قد يقوم الطبيب بإجراء فحص مباشر للبروستات للتأكد من خلوّها من أية أورام أو تغيّرات.
رغم أن ارتفاع الـ PSA الكبير يكاد يكون مؤشراً حاسماً إلى وجود خلايا سرطانية في البروستات، فإن بعض الحالات المرضية الأخرى قد تؤدي إلى ارتفاعه أيضاً، منها الالتهابات المزمنة أو الأورام الحميدة. إن فحص PSA دورياً أمر ضروري جداً لأن سرطان البروستات، إضافةً إلى المتغيرات الصعبة التي تحدثها وسائل علاجه في مراحله المتقدمة في حياة المريض، قابل أيضاً للانتشار في أعضاء أخرى من الجسد، ولا سيما العظم، وحينها يصبح أكثر خطورة إنْ من حيث علاجه الطويل والمضني والمؤلم، أو من حيث احتمال تسبّبه بالقضاء على حياة المريض.