حزب اللّه يطالب بالتفاوض المباشر والمطارنة الموارنة ينتقدون «الإبطاء في التأليف»فيما تستعد البلاد لاستعادة أسراها من السجون الإسرائيليّة، بقي موضوع الحكومة العتيدة أسير الشروط والشروط المضادة، ما استوجب من حزب اللّه، الخبير في المفاوضات، إطلاق دعوة للتواصل والتفاوض مباشرة... لعل وعسى
فجأة، وبعد «العشاء الفجائي» بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والنائب سعد الحريري، انطلقت من مواقع مختلفة عبارات تفاؤلية عن تفاهم وتباشير خير، مع فتح الأبواب للقاءات طال انتظارها. ولفت أمس، بعد ساعات من عشاء الثلاثاء، لقاء بين سليمان والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، أطلعاه خلاله على تفاصيل عملية تبادل الأسرى التي اعتبرها سليمان إنجازاً «يضاف إلى سلسلة الانتصارات التي حققتها المقاومة في مواجهتها للعدو الإسرائيلي، وأعطت للبنان المزيد من المناعة في إحباط المخططات المعادية التي تستهدفه واللبنانيين». وشدد على وجوب أن تبقى وحدة اللبنانيين «مصونة لاستكمال تحرير ما بقي من الأراضي المحتلة».
وأعلن الخليل التوافق مع سليمان على نقطتين: «ضرورة الإسراع، لا التسرع، في تأليف الحكومة لأنها ضرورة وطنية كبيرة جداً، وضرورة التفاوض المباشر بين الأفرقاء لا عبر وسطاء، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة سليمة في تأليف الحكومة». وإذ أكد بطريقة غير مباشرة المعلومات عن عدم ممانعة الموالاة في التواصل المباشر مع العماد ميشال عون وبقية أطراف المعارضة، قال إن التواصل بين قريطم وقيادة الحزب «طبعاً ممكن، ولا شيء بعيداً». ونفى ما يشاع عن مفاوضات في المعارضة لإقناع عون بالتنازل عن بعض المطالب، قائلاً: «لا يوجد شيء لإقناعه به». وطالب الرئيس المكلّف بالتواصل مع كل المعنيين بالحكومة «بمن فيهم المعارضة».
وأوضح النائب محمد الأمين عيتاني، في تصريح أمس، أن الحريري أراد بزيارته بعبدا أن يضع في متناول سليمان «كل التسهيلات الممكنة لقيام الحكومة»، مؤكداً استعداده «لملاقاة الفريق الآخر في منتصف الطريق، ثقة منه بأن لبنان لا يمكن أن يحكم إلا بصيغة لا غالب ولا مغلوب، انطلاقاً من اتفاق الدوحة الذي وافق عليه الجميع». كذلك أكد النائب السابق تمام سلام، بعد زيارته قريطم، وجود رغبة صادقة عند الحريري «وعند الكثير من المخلصين في البلد، لمحاولة العبور إلى مرحلة جديدة، إذ إننا سنخوض بعد عشرة أشهر انتخابات نيابية عامة، ولا يمكن لذلك أن يتم إلا إذا كانت الأجواء مستقرة».

«التفاهم قائم للوصول إلى شاطئ الأمان»

وأمام مجلس القضاء الشرعي الأعلى الذي يضم المحاكم السنّية والجعفرية، برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، أكد سليمان «أن التفاهم قائم بين المسؤولين للوصول بالبلاد إلى شاطئ الأمان». ورأى أن القمة الروحية الأخيرة «أعطت مثالاً لكل القيادات على أهمية التلاقي». وقال قباني: «إن تباشير الخير بدأت، وإن كانت بخطى وئيدة إلا أنها أفضل من لا شيء»، منوّها بجهود سليمان والرئيس المكلّف، لحل العقد «وتأليف حكومة الوحدة الوطنية التي تضم اللبنانيين جميعاً، فلا يكون بعدها موالاة أو معارضة، وإنما لبنان فحسب».
أيضاً نقل النائب أحمد فتوح عن سليمان تفاؤله بالوصول إلى تشكيلة حكومية، وتمنّيه على الجميع «التزام العمل بما يضمن الحفاظ على المؤسسات الدستورية ودورها». كذلك التقى رئيس الجمهورية النائب غازي يوسف وسفيري بريطانيا واليابان، وتسلّم طائرة هليكوبتر رئاسية، هدية من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قرر وضعها في عهدة سلاح الجو. واتصل لاحقاً بالشيخ حمد، شاكراً له مبادرته، وعرض معه التطورات.
وكان موضوع الحكومة أول بند في البيان الشهري للمطارنة الموارنة الذين رأوا أن الإبطاء في تأليفها «ليس بدليل عافية»، مشددين على أن مصلحة البلد وأبنائه يجب أن تكون «فوق مصلحة هذه أو تلك من الفئات السياسية، وإذا كان الأمر خلاف ذلك، يكون الوطن قد فقد معناه». وانتقدوا «لغة التخاطب بين أهل السياسة»، معتبرين أنها تدنت وفيها «تحقير وابتذال ونبش قبور». ودعوا إلى بحث قضايا الشعب جدّيا و«بعيداً عن المهاترات وادّعاء بطولات وهمية»، مطالبين بإيجاد حلول لـ«معضلة» ارتفاع الأسعار.
ودعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، الذي استقبل أمس المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، إلى الإسراع «في إنجاز الحل وتأليف الحكومة، بعيداً عن احتكار الوزارات من البعض، لأن هذا الاحتكار والتصنيف بدعة لا نقبل بها». وإذ تحدث النائب أسامة سعد، بعد لقائه وفداً من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، عن وجود جهود حثيثة لتأليف الحكومة في أسرع وقت»، قال إن من يعرقل هو «فريق من اللبنانيين تدعمه أطراف عربية ودولية».
أما النائب أيوب حميد، فرأى «أن الأمور تراوح مكانها، ولم يتم التوصل إلى توافق على أي صيغة في شأن التشكيلة الحكومية»، واصفاً حجج فريق الأكثرية بأنها «غير واقعية ومنافية للأصول الواجب اتباعها في تأليف الحكومات».

سيسون وجعجع و... مزارع شبعا

على صعيد قضية جرود صنين، أعلنت قيادة الجيش البدء بتسيير دوريات وإقامة حواجز ظرفية في المنطقة «لطمأنة المواطنين والتأكد من سلامة الوضع»، وذلك «إثر ما جرى تداوله أخيراً من بعض وسائل الإعلام وعدد من السياسيين، حول حصول إشكالات أمنية» فيها.
وقد استغرب العماد عون «صمت الوزارات والأجهزة المختصة حتى الآن عما تردد وأشيع عن حوادث وقعت في جرود عيون السيمان»، مطالباً هذه المراجع بـ«تحمّل مسؤولياتها، بإصدار بيان تفصيلي من الألف إلى الياء عن حقيقة الأمر. إذ من غير الجائز أن تدور سجالات على قضايا غير مبنية على معطيات واضحة أو على شائعات ومواضيع مبهمة». ودعاها إلى «حسم الأمر، فإذا كانت هناك حوادث وقعت، يجب كشف الفاعلين ومعاقبتهم. وإذا لم تقع هذه الحوادث، فلتعلن الحقيقة على الملأ، لوقف المتاجرة والمزايدات في هذا المجال، والاقتصاص ممّن يروّج لأضاليل وأخبار كاذبة».
من جهة ثانية، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن القائمة بالأعمال الأميركية، ميشيل سيسون، نقلت لرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، أن بلادها «تمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل للانسحاب من مزارع شبعا، ومن ثم وضعها تحت إشراف الأمم المتحدة».
وفي مجال آخر، أقرّت لجنة الإدارة والعدل بند خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، رغم تحفّظ نواب كتلة القوات اللبنانية ومطالبتهم بتأجيل بتّه، بحجة أنه ذو طابع سياسي. كذلك كانت مدة الهيئة المستقلة المكلّفة إدارة العملية الانتخابية وتنظيمها، موضع جدل، بعدما تبيّن على ضوء دراسة للمحامي زياد بارود أنها قد تستغرق أربعة أشهر ونصف الشهر على المدى القصير، لكن اللجنة قررت الدفع بتأليفها ومتابعة دراسة البنود الإصلاحية ومناقشتها بنداً بنداً.