نيويورك ـ نزار عبودباشرت قوات اليونيفيل بفتح مكتب لها في تل أبيب، يتلخص دوره في «الاتصال مع إسرائيل». ومن مهامه أيضاً إجراء اتصالات بالدول المموِّلة للقوات، حتى قبل نيل موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو مناقشة الأمر مع الحكومة اللبنانية. واتضح أن الحكومة اللبنانية كانت على علم بالأمر، إلا أنها منعت أية محاولات لوقفه. وقد أثار الأمر في الأسابيع القليلة الماضية مجدي رمضان أحد أعضاء الوفد اللبناني في الأمم المتحدة، خلال اجتماعات اللجنة الخامسة المعنية بالميزانية. وقد أبدت الأمانة العامة ضيقاً بسؤال المندوب اللبناني، الذي لم يكن ـــــ على ما يبدو ـــــ مطلعاً على «الاتفاقات الخاصة» بين الحكومة اللبنانية وقيادة اليونيفيل في هذا الخصوص. وتساءل رمضان، وكذلك المندوب المصري، عن معنى إنشاء مكتب لليونيفيل في تل أبيب، بينما قواتها موجودة في لبنان، ولا تعمل داخل الأراضي المحتلة، وما دام هناك قوة تنسيق ثلاثية تعقد اجتماعات منتظمة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر وثيقة الصلة، أن قائد قوة اليونيفيل كلاوديو غراتسيانو اتصل أواخر الشهر الماضي بالرئيس فؤاد السنيورة، معرباً عن انزعاجه من المندوب اللبناني المذكور «لأنه يطرح أسئلة محرجة للأمانة العامة». وعلى الأثر اتصل السنيورة بالمندوب الدائم للبنان في الأمم المتحدة، نواف سلام، مستوضحاً. أعقب ذلك طلب سلام من مندوبه في اللجنة الخامسة «عدم مضايقة ممثلي الأمانة العامة
مستقبلاً».
وفي الاجتماع اللاحق، كان من المتوقع أن يقدم المندوب اللبناني مقترحاً عن مهام مكتب تل أبيب، إلا أنه امتنع عن تقديمه، وغادر مدينة نيويورك منذ الأحد الماضي لحضور مؤتمر أممي في جامايكا، فتولت زميلته، كارولين زيادة، متابعة بند تمويل اليونيفيل في اللجنة الخامسة، ووافقت الخميس الماضي ـــــ بتوصية من بيروت ـــــ على الصيغة مثلما اقترحتها الأمانة العامة.
والسؤال المطروح هنا: هل علمت الخارجية اللبنانية بالأمر؟ وهل وافقت قيادة الجيش عليه؟
وقد ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بشأن تمديد عمل اليونيفيل، في الفقرة السابعة، كلام عن «إنشاء مكتب في تل أبيب للاتصال والتنسيق مع السلطات العسكرية وغيرها من السلطات الحكومية
الإسرائيلية.
ويُتوقع تشغيل المكتب قبل نهاية فترة 2007/ 2008»، أي في نهاية حزيران الحالي. وقد اتفقت اليونيفيل مع الحكومة الإسرائيلية على إسناد رئاسة المكتب إلى أحد كبار ضباط الأركان العاملين في اليونيفيل.
وحالياً تعكف اليونيفيل خلال الفترة الحالية للميزانية 2007/ 2008 على إنشاء هذا المكتب دون الحصول على موافقة الجمعية العامة، لكن تطلب موافقتها فقط على نقل المكتب من العنصر 1 (العمليات) إلى التوجيه التنفيذي والإدارة. كما أن اليونيفيل كانت تقوم بالاتصال وتبادل المعلومات مع الجانب الإسرائيلي من خلال فرع الاتصال التابع للجيش الإسرائيلي بشأن الأخطار المحتملة التي تهدد الاحترام التام للخط الأزرق وبشأن تطورات الحالة الأمنية.
وفي معلومات خاصة بـ«الأخبار» عُلم أن النقاش الحقيقي في القضية بدأه مندوب لبنان في اجتماع عُقد في 6 أيار الماضي، عندما تطرق إلى تقرير الأداء، مستفسراً عن عدم إعلام الأمانة العامة للجمعية العمومية بالجهة التي ترتكب الخروق الجوية للخط الأزرق، مبيناً أن كلاً من الحكومة اللبنانية والمقاومة اللبنانية لا تملكان طائرات تستطيع خرق الخط الأزرق جواً.
وتحدث أيضاً عن مكتب تل أبيب، معرباً عن تفهمه لسبب إنشاء هذا المكتب، على خلفية الشكوى المتكررة لموظفي الأمم المتحدة عن أن إسرائيل لا تقيم اتصالات مع
اليونيفيل.
وكذلك أثار المندوب المصري (بالتنسيق مع المندوب السوري)، تساؤلات مشابهة، مركّزاً على دور فريق التنسيق الثلاثي (اليونيفيل ـــــ لبنان ـــــ إسرائيل)، الذي اجتمع 19 مرة خلال الفترة 2006/ 2007. وهو يتابع أيضاً الاتصالات المتعلقة بالشؤون العسكرية، كما هو موضح في الفقرة (11)، موضحاً أن هناك ازدواجية بين عمل مقر اليونيفيل في بيروت ومكتب تل أبيب.
وقد ردت ممثلة الأمانة العامة بأن هذا المكتب سيساعد قائد القوة في الاتصال مع السلطات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن هناك فرقاً بين عمل الفريق الثلاثي وعمل مكتب تل أبيب.
وبينما أبدى المندوب اللبناني في مداخلته الثانية رفضه قيام مكتب تل أبيب بأية اتصالات، أشارت الأمانة العامة في نهاية الاجتماع إلى أنها ستقوم بالإجابة خطياً عن سؤالَي لبنان ومصر عن دور المكتب.
أما في ما يتعلق بمهام مكتب تل أبيب المتعلقة باتصالاته مع الدول المشاركة في قوات وهيئات الأمم المتحدة الأخرى، فقد أشارت ممثلة الأمانة العامة إلى أن هذه الاتصالات لن تكون مهمة خاصة بالمكتب، بل ستكون مجرد «ممارسات معيارية لليونيفيل»، مؤكدةً أن المهمة الأساسية للمكتب هي «الاتصال مع السلطات الإسرائيلية» دون مزيد من
الإيضاح.