strong>في ظل التوترات الأمنية المتنقلة، يبدو أن بعض المواطنين يريدون إضفاء طابع سياسي ومذهبي على خلافاتهم الشخصية ونشاطهم الخارج عن القانون. ما جرى مع «الخروف» قد يمثّل عينة من هذه الحوادث، وكانت بعض وسائل الإعلام قد نقلت الخبر كجزء من التوتر المذهبي
البقاع ـــ الأخبار
«الخروف» لقب تتداوله ألسنة مهربي المازوت في البقاعين الشمالي والأوسط. ويقال عن حامل اللقب إنه احتال على عدد كبير من المهربين، وتمكن من سرقة نحو مليوني دولار منهم. يقول أحد المهربين إن «الخروف»، الذي يقيم في ضاحية بيروت الجنوبية، كان، لمدة طويلة، يشتري كميات كبيرة من مادة المازوت المهرب، بأسعار مرتفعة عن سوق التهريب، حيث كان يدفع دولاراً إضافياً على سعر كل صفيحة، مما دفع الكثيرين للتهافت على تأمين الكميات التي يطلبها. وأضاف المهرّب أن «الخروف»، مع بداية التخطيط لتنفيذ عمليته، كان يدفع ثمن البضاعة إما نقداً أو بواسطة شيكات تُصرَف في موعدها بشكل طبيعي، مما طمأن المهربين إلى مصداقية التعامل معه. آلاف الليترات كانت تمرر عبر الطرق الجبلية أو بتسهيل من الأجهزة الأمنية المولجة مكافحة التهريب بحسب قول المهرب. بينما ينكر قادة أمنيون صحّة تلك الادعاءات ويؤكّدون السعي إلى ملاحقة المهرّبين وتوقيفهم.
بالعودة إلى المهرّب، تبين لاحقاً، بحسب ما أكّده، أن «الخروف» كان يبيع البضاعة بسعر أقل من دولارين عن كل صفيحة، ويقبض ثمنها من عملائه نقداً. هذا الأمر، بحسب عدد من أبناء «الكار»، عُلِم بعد فوات الأوان. فقد اشترى «الخروف» كمية ضخمة من المازوت المهرّب، قُدِّر ثمنها بنحو مليوني دولار، ودفع ثمنها بواسطة شيكات كالمعتاد. لكن، عندما حان موعد صرفها، تبين أن الشيكات من دون مؤونة. في هذا الوقت، أضاف المهرّب الذي احتال عليه «الخروف» بخمسين مليون ليرة، فوجئنا باختفاء التاجر عن الأنظار، بعد إقفال جهازه الخلوي ليُقال لنا في ما بعد إنه غادر الأراضي اللبنانية إلى جهة مجهولة.
هذا الوضع، بحسب تاجر مازوت مهرب، أربك المهربين الذين لم يتمكنوا من شراء المازوت من شركائهم السوريين الذين يرفضون تسليم أي كمية قبل تأمين ثمنها نقداً. وأضاف أن الكثير من ضحايا عملية الاحتيال توجهوا إلى منزل صاحب العلاقة في بيروت مهددين عائلته وأقاربه باسترداد حقوقهم بشتى الطرق، إلا أن أحدهم تلقى اتصالاً من «الخروف» من مكان مجهول طمأنه خلاله إلى أن جميع الحقوق ستعود لأصحابها في وقت لاحق.
رواية الخطف لأسباب «طائفية»
القصة لم تنتهِ عند هذا الحد. ففجر أول من أمس، توجه إلى مخفر درك الدامور الشاب دانيال ب. حيث ادعى أنه كان برفقة ح. ح. (مواليد 1966) في سيارة الأخير في منطقة الدامور، قرب أفران شعيا، حيث أوقفهما مسلحون يستقلون 3 سيارات (اثنتان من نوع رانج روفر والثالثة مرسيدس)، ثم خطفوا ح. ح. إلى إحدى السيارات، فيما أجبر مسلحان دانيال على قيادة سيارة رفيقه. وعندما وصل الموكب إلى منطقة الدورة، نزل المسلحان من السيارة التي كان يقودها دانيال، وصعدا في إحدى السيارات الأخرى، وتركاه حراً، فيما استبقى المسلحون ح. ح. برفقتهم. وذكر دانيال أنه سمع المسلحَين يقولان إن لهما بذمة رفيقه المخطوف مبلغاً من المال ثمناً لمازوت مهرب.
ونتيجة المتابعة، تبيّن للأجهزة الأمنية، أن لعملية الخطف صلة بما ذُكِر عن تاجر المازوت الملقب بـ«الخروف». فالمخطوف «ح. ح.» هو ذاته «الخروف»، لكنه قدّم، بعد الإفراج عنه أول من أمس، رواية أخرى عن سبب اختطافه.
قال ح. ح. لـ«الأخبار»: «كنت خارجاً من مسبح في خلدة قرابة الخامسة والنصف بعد الظهر، وتوجهت نحو طريق الناعمة حيث اعترضت طريقي سيارتان، قال لي ركابها إنهم من رجال التحري. أصعدوني في السيارة بعدما كبلوا يدي خلف ظهري، وبدأوا بضربي بأعقاب المسدسات والبنادق وسألوني من أي المناطق أتيت وعن مذهبي فأجبتهم بأنني من الضاحية، فنهرني أحدهم وقال لي سنتصافى نحن وإياك هناك وسترى ماذا سنفعل بك (...)».
أضاف: «أخذوني إلى جونيه ومنها إلى فاريا، وفي الطريق كانوا يتحدثون مع شخص ليوهموني بأنه الضابط، ويقولون لي سنأخذك إلى المحكمة. بعدها وضعوني داخل صهريج بنزين وانطلقوا بي إلى منطقة البقاع حيث عرفت أنني في بلدة عرسال. وقد أجلسوني في منزل حيث عصبوا عيني وأخذوني إلى ما علمت لاحقاً أنه جرد البلدة. هناك تركوني مكبل اليدين في حظيرة ووضعوا رأسي في البئر».
تابع المخطوف المفرج عنه: بقيت مكبلاً من الساعة الثامنة مساءً حتى الرابعة فجراً حيث تمكنت من الهرب بعد فك وثاقي ومشيت في الجبال ساعات عدة حتى وصلت إلى بلدة رأس بعلبك، وعندما التقيت أحد أبناء البلدة الذي أوصلني إلى مكان آمن». المخطوف المُفرَج عنه حصر سبب خطفه بالإطار المذهبي، وادعى أن الخاطفين وجهوا له، على خلفية مذهبية، عبارات تتحفّظ «الأخبار» عن نشرها.