بعد أكثر من 7 أشهر على افتتاحه، نظّم مركز «نسيم» لتأهيل ضحايا التعذيب وعائلات المفقودين يوماً مفتوحاً أمس لتعريف زائريه على تفاصيل عمله. مركز «نسيم»، الذي أسّسته حركة سوليدا والمركز اللبناني لحقوق الإنسان في أيلول 2007 في منطقة الدورة، كما شرحت مديرته الفرنسية سينتيا بيتريغ، استقبل منذ افتتاحه نحو 30 حالة من ضحايا التعذيب أو أفراداً من عائلاتهم. وعندما يتقدم أحد ضحايا التعذيب من المركز، تستقبله المساعِدة الاجتماعية التي تقوّم حالته بشكل أولي. بعدها، يخضع المتقدم لفحص طبي من جانب الطبيب العامل في المركز. خلال أسبوع كحد أقصى، يكون الفريق العامل في المركز قد اجتمع ودرس حالة المتقدم، وقرر تعيين برنامج عمل معه. يتألف الفريق العامل في المركز من مساعِدة اجتماعية وطبيب صحة عامة وطبيب نفسي ومعالج نفسي ومعالج فيزيائي ومحامٍ، إضافةً إلى مسؤولة عن إعادة الدمج المهني. وعلى أساس حاجة الشخص الذي تعرّض للتعذيب يوضع برنامج للعمل معه. فمن بقي يواجه مشاكل قانونية، يتولى المحامي متابعة ملفه لدى الدوائر القضائية والأمنية. كما أن من يعاني جسدياً آثار التعذيب، يخضع لعلاج بإشراف الطبيب والمعالج الفيزيائي، بحسب الحاجة. أما المتابعة النفسية، فتتقرّر بناءً على جلساته مع الطبيب النفسي، ومن ثم المعالج النفسي. وأحياناً، ذكرت مديرة المركز، تحتاج بعض الحالات إلى متابعة من جميع أفراد الفريق العامل في المركز في وقت واحد. ليس هناك مدة محددة لبرنامج العمل الذي يبقى رهناً بكل شخص على حدة. لكن، أشار الطبيب النفسي العامل في «نسيم»، إلى أن المدة التي يحتاج إليها تأهيل شخص تقدّم من المركز لا تقل عن ستة أشهر، وإذا كان من تعرّض للتعذيب يعاني حالة اكتئابية، فإنه بحاجة إلى نحو سنة للعلاج.النقطة الأبرز في عمل «نسيم» هي ثمرة الخطوات السابقة، وهي إعادة دمج الشخص الذي تعرّض للتعذيب في المجتمع. ويتم هذا الأمر عبر دراسة مهارات كل شخص من الناحية المهنية، ثم السعي إلى تأمين عمل لائق له.
وذكرت رئيسة المركز أن كل فترة العلاج والتأهيل مجانية، كما أن بعض الحالات يؤمن لها «نسيم» مصاريف التنقّلات. ولا بد من الإشارة إلى أن سفارة المملكة الهولندية في لبنان كانت الداعم الأبرز، مالياً، لتأسيس المركز. وأضافت رئيسة المركز إن المنظمة العالمية لمكافحة التعذيب تتولّى تمويل بعض الحالات التي يحتاج فيها أشخاص خضعوا للتأهيل إلى إعادة افتتاح أعمالهم الخاصة.
الحالات التي استقبلها المركز متعددة «المصادر». منها من أتى إلى المركز من تلقاء نفسه، بينما أرسلت جمعيات حقوقية البعض الآخر. وفيما رفضت رئيسة المركز الكشف عن أي معلومات تتعلّق بالأشخاص الذين لجأوا إلى المركز، أكدت لـ«الأخبار» أن بين الذين استقبلهم «نسيم» ضحايا تعرّضوا للتعذيب في سوريا واسرائيل، إضافةً إلى عدد من مراكز التوقيف التابعة للأجهزة الأمنية الرسمية.
«نسيم» بحاجة إلى دعم كبير حتى يتمكن من الوصول إلى العدد الكبير من المعذّبين في لبنان، حيث يبدو المجتمع والمؤسسات راضيين بما يتعرّض له موقوفون كثر، حيث لا تُفتَح أي تحقيقات بما تردّده، أمام المحاكم، نسبة كبيرة من الموقوفين عن أسلوب التعامل معها خلال التحقيقات الأوّليّة.
(الأخبار)