السنيورة غادر إلى فيينا: عون يريد التعويض عن خسارته رئاسة الجمهوريّةبينما كانت الدولة مشغولةً بتطويب الأب يعقوب الحداد الكبوشي، بعيداً عن هموم الحكومة وحقائبها، كانت طرابلس تشهد اشتباكات عنيفة سقط خلالها القتلى والجرحى بالعشرات من دون أن تفلح نداءات التهدئة في لجمهاوسط الأجواء الملبّدة حكوميّاً، تدهور الوضع الأمني في طرابلس حيث دارت اشتباكات عنيفة بين منطقتي باب التبانة من جهة، وجبل محسن من جهة أخرى، واستخدمت فيها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.
واتسعت رقعة الاشتباكات مساءً لتدور معارك بالقذائف الصاروخية ومدفعية الهاون بين جبل محسن ومنطقة المنكوبين.

اجتماعات للتهدئة عند الشعّار

وإزاء هذه التطورات، تنادت القيادات الطرابلسيّة إلى لقاء استثنائي في دارة مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، حضره الرئيس نجيب ميقاتي، ممثل وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي، أحمد الصفدي، النواب: محمد كبّارة، سمير الجسر ومصطفى علوش، منسّق عام تيار «المستقبل» في الشمال عبد الغني كبارة، وعدد من مسؤولي الحركات والجمعيات الإسلامية في الشمال، وقد شارك في جزء من اللقاء رئيس فرع استخبارات الجيش في الشمال العميد الركن توفيق يونس.
وأصدر المجتمعون بياناً تلاه المفتي الشعار، وجاء فيه: «بالرغم من جو التفاؤل الذي أشاعه انتخاب فخامة الرئيس العماد سليمان، دأب بعض السياسيين على توتير الأوضاع عبر تصريحات تحريضية غير مسؤولة بلغت ذروتها بكلام تحريضي عن طرابلس وتسلّح أهلها». وأكد المجتمعون «أن الجيش والقوى الأمنية هما وحدهما المرجع الأمني الصالح لتحقيق استتباب الأمن في المدينة وفي لبنان لردع المعتدين في أية جهة كانوا، ولو أدى ذلك إلى الرد على مصادر النيران من أجل ضمان أمن المدينة ومواطنيها».
وطالب المجتمعون جميع القيادات لدى كل الأطراف بدعم مسيرة التهدئة وتثبيت الأمن الأهلي في المدينة وفي الشمال، كما طالبوا قيادة الجيش بوضع يدها على كل مستودعات الأسلحة، سواء في مدينة طرابلس والشمال أو في أي منطقة لبنانية أخرى، ولأي فريق كانت تلك المستودعات.
ورداً على سؤال عن سبب عدم مشاركة الرئيس عمر كرامي في هذا اللقاء، قال المفتي الشعار: «الجميع يعلم أننا حريصون على أن يكون الرئيس عمر كرامي بشخصه على وجه التحديد حاضراً بيننا، ولكن لم نتمكن من الاتصال به».
وأوضح الشعار «أننا توافقنا مع قيادة الجيش على عقد اجتماع يحضره ممثلون عن منطقة جبل محسن والتبانة والقبة، وسيعقب ذلك لقاء بيننا وبينهم بإذن الله».
ودعا الرئيس نجيب ميقاتي الجيش إلى القيام بدوره كاملاً في حفظ الأمن في مدينة طرابلس ووقف الاشتباكات، كما دعا الجهات المعنيّة قياداتٍ وأفراداً إلى رفع الغطاء عن مسببي هذه الحوادث وتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص.
وأشار إلى أن ممثل الجيش أوضح خلال الاجتماع أن انسحاب الجيش كان لأسباب تقنية عسكرية لا خلفية لها، ولم يأت كخطوة متحيزة لمصلحة جهة ضد أخرى.
وعقد اجتماع آخر في منزل المفتي الشعار، حضره عدد من فاعليات طرابلس ورئيس الحزب الديموقراطي العربي رفعت عيد، ونائب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ محمد عصفورة وفاعليات ومخاتير منطقتي بعل محسن والقبة. واتفق المجتمعون على ضرورة التهدئة وإجراء لقاءات متتالية بين كل الأطراف للتوصل إلى وقف إطلاق النار وسحب المسلحين وانتشار الجيش اللبناني في كل المناطق.
وزار الوزير الصفدي رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري مساء أمس وعرض معه آخر التطورات السياسية والأمنية ولا سيما الوضع في طرابلس، والجهود المبذولة من أجل وقف الاشتباكات وإعادة الهدوء.
وفي ردود الفعل على هذه الحوادث، رأى النائب كبارة أن «الاعتداء على أمن مدينة طرابلس، هو حلقة في السياق ذاته الذي بدأ مع اجتياح بيروت من جانب حزب الله»، ورأى أنّ التفجير الأمني «محاولة لإسقاط اتفاق الدوحة بالتزامن مع استمرارهم في تعطيل تشكيل الحكومة، وهم بذلك يأخذون البلد إلى الفتنة».
من جهته، دعا النائب بدر ونّوس في بيان: «أهلنا في بعل محسن والتبانة إلى عدم الانجرار إلى محاولات إشعال الفتنة وتوتير الأجواء وإلى ترك المعالجات للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية المخوّلة الحفاظ على الأمن»، مشدداً «على وجوب تدخل الجيش للفصل بين المتقاتلين والرد على مصادر النيران من أي جهة أتت».
واستنكر «الحزب العربي الديموقراطي» في بيان «الاعتداء الذي دبّرته الأيدي الآثمة على مناطقنا، حيث تم إطلاق نار متقطع مع بعض القنابل اليدوية في الساعة الثالثة إلا ربعاً فجراً باتجاهنا. ثم ازداد إطلاق النار على كل المحاور، امتداداً من التبانة حتى القبة وبكثافة كبيرة، مما يدل على أن الأمر مدبر ومخطط له مسبقاً من قبل مجموعات مشبوهة سخّرت نفسها للأعمال الإجرامية مقابل حفنة من الدولارات عن طريق بعض السفارات». وأضاف البيان: «ودفاعاً عن أنفسنا وبعدما تركنا الأمر للجيش اللبناني ساعات عدة، لكن الأمر خرج عن حدّه حيث قاموا بالهجوم علينا، مما اضطرّنا إلى الدفاع عن أنفسنا والرد الساعة السابعة صباحاً». وأهاب الحزب «بأجهزة الدولة الحدّ من هذه الفوضى والاقتصاص من المجرمين المعتدين حتى لا نقع في أمور لا تحمد عقباها».
وحذرت قيادة المقاومة واللجان الشعبية الفلسطينية في الشمال، الفلسطينيين، من مغبة زجّهم، في ما يجري في طرابلس، مشيرةً إلى «أن ما يجري في جوار المخيم هو شأن لبناني لا دخل لنا به لا من قريب ولا من بعيد».

الباب الحكومي شبه مفتوحوعشيّة سفره، أشار السنيورة في مقابلة مع جريدة «Der Standard» النمسوية، رداً على سؤال عن تطورات الملف الحكومي إلى أن «الباب ليس مفتوحاً أو مقفلاً، بل هو شبه مفتوح»، مؤكداً تصميمه على إيجاد الحل المناسب وقال: «قد يتطلب الأمر أياماً أو أسابيع، لكن علينا التوصل إلى حل».
واتهم السنيورة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بأنه يريد وزارة سيادية لتكتله، لأنه «يعتبر أنه يمثل المسيحيين في لبنان بدلاً من الرئيس اللبناني أو غيره، ويظن أنه بما أنه لم يصبح رئيساً يجب أن يحصل على التعويض عن خسارته».
ورأى أن «حزب الله» يعتبر عون «درعاً بما أنه يعطيه تمثيلاً أوسع في البلاد. لذلك لا يريدون معارضته».
وعما إذا كانت الولايات المتحدة تبارك وجود حزب الله في الحكومة المقبلة، قال السنيورة: «نحن نريد تحقيق مصالحنا، لا أمنيات الآخرين. هناك عدة دول مهتمة بمساعدة لبنان، لكن أجندتها قد تختلف عن الأجندة اللبنانية. لبنان يريد إحياء مؤسساته الدستورية باعتبارها مهمة لكل اللبنانيين».
وشدد على أن لبنان «لن يجري مفاوضات ثنائية مع إسرائيل حتى لو انسحبت من شبعا».
وفي الموضوع الحكومي أيضاً، أكد الوزير محمد فنيش خلال تدشين بئر مياه ارتوازية في بلدة كفرملكي أن «المطلوب هو الإسراع في تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وهذه مسؤولية الرئيس المكلف فؤاد السنيورة لأنه هو المعنيّ دستورياً وبحسب الصلاحيات والأدوار بتأليف الحكومة، بالتوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان»، مشيراً إلى أنه «من الطبيعي أن يكون هناك مطلب لهذه الكتلة النيابية أو لهذه الفئة السياسية، وعلى الرئيس المكلف أن يجد الحلول ويوفّق بين هذه المطالب وفق ما نص عليه اتفاق الدوحة».
واستغرب عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب الدكتور أيوب حميد «الاستفاقة الأميركية حول انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في هذا الوقت، بعدما ذكرت في القرار 1701»، وقال: «إنها استفاقة مشبوهة تريد منها إلهاء الناس وإعطاء فرصة لقوى الموالاة بالاستغراق وقتاً طويلاً في تأليف الحكومة كي تصل إلى وقت لا يعود لتشكيلها أي معنى».
وقال «رئيس جبهة العمل الإسلامي» فتحي يكن: «لا أدري لماذا تشبّث الرئيس السنيورة برئاسة الحكومة سابقاً، ثم هو يتشبث بها اليوم كأن الطائفة السنية أصيبت بالعقم، فيما بلغت معاناة اللبنانيين مستوى غير مسبوق على مختلف الصعد».
وفي معسكر الموالاة، استنكر النائب عزام دندشي الكلام التهديدي الخطير الذي ورد على لسان مسؤولي «حزب الله»، ورأى «أن المفردات والمعاني التي تحمل الكثير من التطاول على الرموز والقيادات والدول الشقيقة تدل بوضوح على نية مبيّتة وعلى خطط معدّة لإعادة افتعال اعتداءات وغزوات على المواطنين الآمنين لعرقلة ولادة العهد الجديد ومحاولة الحصول على مطالب سياسية لا ينالونها إلا بالدماء والدمارورأى النائب أنطوان زهرا، ممثلاً رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، خلال عشاء أقامه في جعيتا قسم مغدوشة في «القوات اللبنانية» ـــــ منطقة الزهراني، «أن المواجهة لم تنته وهي مستمرة بين مشروع الدولة والوطن الذي فيه دولة سيدة وحرة، مستقلة، آمنة، منفتحة ومتنوعة، وبين مشروع دولة ولاية الفقيه». وأكد الإصرار «على استكمال تطبيق تسوية الدوحة، وقد حققنا الجزء الأكبر منها بانتخاب رئيس للجمهورية، وتأليف حكومة والذهاب إلى انتخابات نيابية في عام 2009 محرّرة من ضغط السلاح».
على صعيد آخر، غادرت القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون بيروت، متوجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية عن طريق باريس.
وعشية انعقاد القمّة الروحية في قصر بعبدا غداً، عقد لقاء في دارة الشيخ نصر الدين الغريب في كفرمتى، شارك فيه رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» الوزير السابق طلال أرسلان وحشد من مشايخ الطائفة الدرزية، تقدمهم الشيخ أبو سهيل غالب قيس، استنكروا خلاله استثناء الشيخ الغريب عن القمة الروحية.
واستبشر أرسلان في كلمة له خيراً بانعقاد قمة روحية، «إنما قمة روحية على قاعدة الوفاق السياسي الذي أتى نتيجته العماد ميشال سليمان من قائد للجيش إلى رئيس للجمهورية». وإذ تمنى «لهذا العهد النجاح والتوفيق»، طالبه «بالوفاء بعهوده بأنه عهد يجمع بين كل اللبنانيين ولا يفرق بين طائفة وأخرى، فكيف بالأحرى بين أهل الطائفة نفسها».
ودعا المشايخ الدروز وأبناء الطائفة الدرزية إلى «المشاركة والاستعداد لتكريم الأسير سمير القنطار لحظة إطلاق سراحه».
على صعيد آخر، ولمناسبة «يوم الشهيد الشيوعي» والذكرى الثالثة لاستشهاد الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني، جورج حاوي، أقام الحزب احتفالاً تكريمياً، أمس، في قصر الأونيسكو، ألقى خلاله النائب أسامة سعد كلمة دعا فيها القوى الوطنية إلى مواجهة التحديات الراهنة عبر الدفاع عن الثوابت الوطنية.
وألقى الأمين العام للحزب الشيوعي، الدكتور خالد حدادة، كلمة شدد فيها على ارتباط التحرير بالتغيير. وانتقد اتفاق الدوحة، واصفاً إياه بالنهج التراجعي، داعياً كل القوى الوطنية والعلمانية إلى مقاومته. وتطرق إلى موضوع الخلاف على الحقائب الوزارية، معتبراً أن «ما يحصل اليوم هو تزوير مزدوج للانتخابات، فمرة عبر الاتفاق على قانون الـ60، ومرة أخرى عندما يتقاتلون على الوزارات الخدماتية للاستفادة منها في الانتخابات المقبلة».
ودعا حدادة الرئيس سليم الحص إلى المبادرة مع كل القوى العلمانية والديموقراطية لعقد مؤتمر سريع على قاعدة قانون انتخاب عصري قائم على النسبية والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي.
بدوره، رأى الدكتور عصام نعمان «أننا اليوم في أشدّ الحاجة إلى السير على نهج حاوي صاحب الدعوة الدائمة إلى وحدة القوى الوطنية في العمل السياسي والاجتماعي وإلى الانخراط في المقاومة بلا هوادة حتى رحاب الشهادة».
كما كانت كلمة لممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان الدكتور مروان عبد العال، وكميل داغر باسم اللقاء التشاوري اليساري وعضو قيادة الجبهة الديموقراطية علي فيصل.
وللمناسبة أقيم في كنيسة مار جاورجيوس للروم الأرثوذكس في بتغرين قدّاس وجنّاز لراحة نفس الشهيد حاوي بدعوة من عائلته.
وألقى نجل حاوي رافي مادايان كلمة ركّز فيها على مواقف حاوي.