فايز فارسقام الشيخ حمد رئيس وزراء قطر الديناميكي بزيارة خاطفة إلى باريس، واجتمع بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وذلك قبل الزيارة التي قام بها هذا الأخير إلى بيروت. تخيّلوا أنّ النقاش الذي دار كان مضمونه التالي:
الشيخ حمد: شكراً لك على استقبالك الفوري لي رغم ارتباطاتك العائليّة المتعددة وانشغالاتك الرئاسيّة الفرنسيّة وكثرة همومك الأوروبيّة.
الحاج نقولا: أهلاً وسهلاً بك في فرنسا كلما طاب لك ذلك، وبخاصة أنكم أهم حليف وأفضل شريك لنا في منطقة الخليج العربي الفارسي.
الشيخ حمد: اسمعني جيداً يا عزيزي. أنا قمت بواجباتي كاملة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اللبنانية المتصارعة وإرضائها، من أجل كل لبنان وكل العرب والسلام في منطقة الشرق الأوسط، نزولاً عند رغبة الجميع بإطفاء النار التي كادت تقضي على لبنان خلال أيام معدودة. وحدها إدارة الرئيس بوش بقيت نصف راضية لأن الحل لم يحقق كل طموحاتها.
الحاج نقولا: أنت تعلم يا شيخ حمد أن إدارة الرئيس بوش تعيش أيامها الأخيرة وتستعد لتسليم الأمانة. ولم يبق لها من الوقت أكثر مما مضى. قليلاً من الصبر ويأتيكم الفرج. والعرب اشتهروا بصبرهم وحنكتهم وحكمتهم.
الشيخ حمد: أنا أقترح عليك أن تستغلّ هذا الظرف بالذات وتفتح صفحة جديدة بعد أربع سنوات عجاف من الوجود الفرنسي في منطقة شرق المتوسط. هذا إذا أردت النجاح لمشروعك الطموح بإنشاء اتحاد يجمع دول البحر المتوسط حيث لفرنسا أصدقاء وحلفاء طبيعيون.
الحاج نقولا: صحيح، فجدّي كان ينصحني بأن أحتفظ دوماً بالقديم الذي أعرفه، لأنه سيكون حتماً أفضل من الجديد الذي سأتعرّف عليه. لذا أنا أتشوق للاستماع إلى أفكارك واقتراحاتك.
الشيخ حمد: أدعوك إلى قراءة مذكرات الرئيس العظيم الجنرال شارل ديغول ومراجعة سياسات الرئيس الكبير فرنسوا ميتران وسلفك الرئيس جاك شيراك حتى عام 2004، لتتذكّر أن لفرنسا دولتين مشرقيتين صديقتين هما الأقرب إليها رغم مرور الزمن، لبنان وسوريا، وإن كانت الأولى سهلة المراس بينما الثانية أقل سهولة من الأولى. فهل ستترك الساحة اللبنانية مستباحة بهذا الشكل لإدارة أميركية مستعدة لبيع لبنان واللبنانيين في سوق العبيد، كما فعلت مع سكان القارة الأفريقيّة خلال قرون مضت؟
الحاج نقولا منتفضاً: غريب أن يأتي زعيم عربي ليقول لي ما قلته ويدلّني على الطريق التي يجب أن أسلكها حفاظاً على مصلحة بلدي العليا في منطقة كانت وما زالت منذ قرون تحظى باهتمامنا ورعايتنا. لكنني أشكرك يا صديقي وأسألك المزيد.
الشيخ حمد: كما تعلم تمكّنّا من إتمام عملية انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً سياسياً وشعبياً للجمهورية اللبنانية. لكنه يحتاج إلى غطاء دولي غربي يضاف إلى الغطاء العربي «الخجول» والدعمين التركي والإيراني. وأنتم أفضل من يستطيع تأدية هذا الدور. هذا إذا كنتم ما زلتم ترغبون بالاحتفاظ بلقبكم التاريخي التقليدي «الأم الحنون» لوطن الأرز.
الحاج نقولا: à vrai dire, vous me provoquez, mais j’apprécie votre façon (حقيقة أنتم تحرجونني، أنا أقدّر طريقتكم) (وغمز المترجمة الجميلة أن لا تترجم هذه الجملة)، أنا أعتقد أنك على حق يا شيخ حمد. فما رأيك لو قرّرت التوجه شخصياً إلى لبنان في أسرع وقت ممكن على رأس وفد فرنسي وطني واسع يضم كل الأحزاب والتيارات السياسيّة الفرنسية التي لها أصدقاء في لبنان. وفي ذهني مسودة خطاب فرنسيّ الخلطة والنكهة أستند فيه إلى سياسة فرنسا التقليدية تجاه لبنان وكل دول الشرق الأوسط، وبالتحديد سوريا وإسرائيل والفلسطينيين. واستناداً إلى ردّات الفعل على مضمون خطابي سأقرر الخطوات السياسيّة التالية.
الشيخ حمد: حمدناك يا رب وشكرناك لأنه ليس لنا سواك. أشكرك مرة أخرى على حفاوتك واهتمامك بكل ما قلت لك. وليبقَ إذا سمحت هذا الحديث بعيداً عن الإعلام حتى لا تتعثر الأمور.