strong>نجحت الاتصالات السياسية التي جرت أمس في البقاع الأوسط، بين نواب من الموالاة والمعارضة وقيادات حزبية من الطرفين، في وضع حد للاشتباكات المسلحة بين الفريقين على محور سعدنايل ـ تعلبايا
البقاع ـ عفيف دياب

رعى الجيش اللبناني أمس إعلان وقف إطلاق النار الذي اندلع فجر وصباح أمس عند محور سعدنايل ـ تعلبايا بين قوى الموالاة والمعارضة، واستُخدمت في الاشتباكات كل أنواع الأسلحة الرشاشة، واستمرت متقطّعة ومترافقة مع قنص متبادل حتى ظهر أمس، وأدّت إلى سقوط 6 جرحى من الطرفين، في ما بين بعضهم أواصر قرابة وصداقات اجتماعية.
وجاءت هذه الاشتباكات بعد توتر ليلي، تخلّله قطع متبادل للطرق بالإطارات المشتعلة سرعان ما تطوّر كمّاً ونوعاً، حيث أقدم مناصرون لتيار المستقبل على قطع طريق المصنع ـــــ دمشق كردّ على قطع طرق المطار في بيروت ليل أول من أمس وطوال نهار أمس. وامتدت عمليات قطع الطرق إلى ضهر البيدر وجديتا وقب الياس ـــــ البقاع الغربي، وبر الياس ـــــ المرج ـــــ شتورة، وسعدنايل ـــــ زحلة ـــــ بعلبك، والصويري ـــــ مدوخا ـــــ راشيا وطرق فرعية في البقاع الشرقي، وطريق القرعون ـــــ مشغرة، فيما ردّ أنصار المعارضة بقطع طرق في تعلبايا وجلالا ورياق وعين كفرزبد وصولاً إلى مدخل مدينة بعلبك الجنوبي، في وقت تعرّض فيه مناصرون للموالاة لموكب دبلوماسي كان قادماً من دمشق عند مفترق بلدة المرج تردّد أنه عائد إلى السفارة الإيرانية حسب مصدر أمني لبناني، وطاولت هذه الاعتداءات عدداً من الزملاء الصحافيين والمصورين في أكثر من موقع في البقاع الأوسط، إضافةً إلى اقتحام مكتب التيار الوطني الحر في تعلبايا وتحطيم محتوياته وبعثرتها.
الكرّ والفرّ بين أنصار الموالاة والمعارضة سرعان ما تراجع بعد ظهر أمس، بعد اتصالات سياسية وأمنية جرت بين نائب تيار المستقبل جمال الجراح ونائب حركة أمل ناصر نصر الله والنائب عاصم عراجي، الذي ناشد «أهلنا» في البقاع الأوسط «الاستماع إلى صوت العقل وتجنيب المنطقة الفتنة». كما جرت اتصالات بين تيار المستقبل والنائب السابق محمود أبو حمدان، واتصالات أخرى لقيادات حزبية محلية توصلت إلى «تهدئة» الأمور وسحب أنصارهما من شوارع سعدنايل وتعلبايا، حيث لم يصمد الاتفاق كثيراً، إذ سرعان ما عاد أنصار الفريقين إلى «الشارع».
الاتصالات السياسية والأمنية التي نجحت نسبياً في لجم التصعيد الأمني في البقاع الأوسط، لم تنجح في وضع حد لعمليات قطع الطرق ومحاصرة معظم قرى وبلدات البقاع الأوسط والغربي وراشيا وعزل المنطقة عن بيروت من خلال قطع طريق ضهر البيدر الدولية. وقال قيادي في المعارضة لـ«الأخبار» إن الموالاة «تساعدنا على قطع الطرق في مختلف مناطق البقاع الأوسط والغربي وراشيا، حيث كان مقرراً أن ينزل أنصارنا إلى الطرق لقطعها». في وقت رد فيه أحد قادة الموالاة المحليين في البقاع على هذا الكلام بالقول لـ«الأخبار» إن أنصار تيار المستقبل «ليس صحيحاً أننا نزلنا إلى الشارع لننفّذ خدمة للمعارضة، وكل ما فعلناها هو استعراض لقوتنا».
ميدانياً، سيطرت طوال أمس وحتى ساعة متأخرة من الليل الإطارات المشتعلة على منطقة البقاع الأوسط والغربي وراشيا، بعدما كان الرصاص سيد «الموقف»، حيث تعذّر على أبناء المنطقتين التنقّل والتوجّه إلى أعمالهم وحقولهم وكرومهم ومؤسساتهم التجارية، بعدما شلّت الحركة تماماً في الأسواق التجارية، وتعطّلت الدراسة في الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية والخاصة إثر تعذّر وصول الطلاب والتلامذه، وتسبب اشتباك سعدنايل ـــــ تعلبايا برفع حدة الخلافات الاجتماعية في المنطقة، حيث تعرّض مواطنون في قرى وبلدات محسوبة سياسياً على هذا الفريق أو ذاك إلى اعتداءات وضرب، ما اضطرّهم إلى النزوح القسري إلى أماكن أكثر أمناً، فيما توقّفت حركة السير ما بين مناطق بعلبك والبقاع الأوسط جرّاء قطع الطرق والحواجز المتنقّلة التي كانت تدقّق في هويات المارة لاكتشاف الانتماء المذهبي، في وقت عانى فيه المراسلون الصحافيون من هذه الحواجز.
وروت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن اشتباكات سعدنايل ـــــ تعلبايا بدأت فجراً حين هاجمت مجموعات مسلحة من الموالاة أحد الأحياء السكنية المحسوبة على المعارضة في أعالي سعدنايل، مما اضطرّ الجيش اللبناني إلى التدخل بعد نداءات استغاثة، حيث فرض طوقاً أمنياً وأوقف بعض المسلحين، فيما تدخلت فعّاليات من سعدنايل، وعملت على فك الحصار عن الأهالي إلى أن عاد الهدوء، الذي انفجر بعد ساعات اشتباكات عنيفة بين أحياء متداخلة بين سعدنايل وتعلبايا، استُخدمت فيه الأسلحة الرشّاشة المتوسّطة مع اقتحامات متبادلة، وكرّ وفرّ واحتلال شوارع وأزقة. وأدّت الاشتباكات إلى سقوط 6 جرحى هم: رولى حسين أبو حمدان (وضعها حرج)، راغدة عبد الهادي الرحيمي، عباس حسن فواز (قنصاً)، هند صليبي، سهير محمد دندش، وحسين سجعان محي الدين، نقلوا جميعهم إلى مستشفى البقاع في تعنايل عبر سيارات إسعاف، وأخرى تابعة لقوى الأمن الداخلي.
كما جرى تبادل لإطلاق النار على طريق عين كفرزبد بين عناصر حاجز للمعارضة وأفراد حاولوا العبور عنوة من دون تسجيل إصابات بشرية.
(شارك في التغطية: أسامة القادري، فيصل طعمة، نقولا أبو رجيلي، نيبال الحايك، شريف سريوي، ورامح حمية)