كان لافتاً خلال الحوادث الأخيرة انتقاد بعض أركان السلطة السياسية العلني لأداء الجيش، فيما كانت المؤسسة العسكرية هي التي أمّنت المخرج للحكومة عبر مطالبتها بالتراجع عن قراريها ومطالبة المعارضة في الوقت نفسه بإنهاء المظاهر المسلحة، إضافة إلى الإبقاء على العميد وفيق شقير في مكانه وإحالة شبكة اتصالات حزب الله إلى سلاح الإشارة في الجيش لبتّه. وتراوحت مواقف الأطراف السياسية في الفترة الأخيرة بين تأييد مطلق للجيش، وتلميحات إلى تقصيره كقول النائب سعد الحريري في مؤتمره الصحافي إن دماء الشهداء حمت وحدة الجيش، وتحفُّظ رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع على تسمية قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية. كان ذلك قبل جولة الوفد الوزاري العربي وتحديد نقاط الحوار في الدوحة. أمّا الآن، فيبدو موقف تيار المستقبل ملتبساً، إذ يصف الحريري بيان اللجنة العربية بـ«المقبول»، رغم الإصرار على إضافة بند علاقة الدولة بالتنظيمات المسلحة. أمّا النائب السابق غطاس خوري، فقد آثر عدم التحدث، فيما يرى النائب سمير الجسر أنّ الجيش قد قصّر في واجبه، إلا أنّه اعتبر موقفه هذا شخصياً، لا يعبّر عن رأي الكتلة النيابية التي ينتمي إليها.
من جهته، ثمّن الوزير مروان حمادة حفاظ الجيش على وحدته خلال الحوادث الأخيرة، قائلاً «لن نهدي النظامين السوري والإيراني تقسيم الجيش»، مؤكداً بإصرار دعمه ليصبح لاحقاً «القوة المسلحة الوحيدة». لكنّ حمادة، في المقابل، أقرّ بما سمّاه «مرارة» لدى الرأي العام تجاه أداء الجيش، كونه له «ظروفه وتقصيراته» حسب قوله. وأمل حمادة بزيادة تسليح الجيش ورفع مستوى تدريبه ورفع معنوياته.
ويمتنع حزب الله عن التعليق تماشياً مع أجواء الحوار. أمّا ملاحظات رئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون على بيان اللجنة العربية، فلا تعدو كونها اعتراضاً ضمنياً على اعتبار قائد الجيش مرشحاً توافقياً وحيداً لرئاسة الجمهورية، على الرغم من ضمانات قدمها الجيش لسكان المناطق المسيحية بتولي أمنها وضبطها وحمايتها من الدخول المسلّح.
على الصعيد الخارجي، يبدو أنّ ما جرى في بيروت والجبل قد دفع الإدارة الأميركية إلى تغيير استراتيجيتها في لبنان، وتعكس زيارة الوفد العسكري الأميركي إلى وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان خطوات عملية في هذا الاتجاه، إذ بدت الإدارة الأميركية مقتنعة هذه المرّة بضرورة دعم الجيش بدلاً من قوى الأمن الداخلي، بعدما تبيّن أنّ الأخيرة غير قادرة على خوض أي مواجهة مع حزب الله.
الخلاف على أداء الجيش خلال الحوادث الأخيرة حاله كحال معظم المواضيع الخلافية التي تم تجميدها أو تجاهلها بكبسة زر بمجرد الذهاب إلى مؤتمر الدوحة الحواري، لكنها نقطة قد تعود إلى الظهور عند أي مفترق، وخصوصاً إذا تأخر الاتفاق وتأجّل تالياً انتخاب الرئيس التوافقي.
(الأخبار)