strong>معدلات الجريمة المسجّلة في لبنان ما زالت منخفضة نسبياً، لكن ثمة إشارات سياسية واقتصادية واجتماعية تنذر بارتفاعها، وخصوصاً مع استمرار الانقسامات داخل المؤسسات الرسمية. قيادة الشرطة القضائية أكّدت لـ«الأخبار» أنها تتحرّك بحزم، بعيداً عن السياسة لمكافحة الجريمةفي ظل التوتر السياسي الذي تعيشه البلاد، وانتشار السلاح الفردي بين المواطنين ومناصري الأطراف السياسية المختلفة، إضافة إلى ظاهرة إطلاق النار مع كل خطاب سياسي، وهو ما أدى حتى اليوم إلى مقتل شخصين وجرح أكثر من عشرة، ومع عدم توقيف أحد من مطلقي النار وغياب أي إشارات لحل سياسي قريب يعيد اللحمة إلى المؤسسات الرسمية، والأمنية منها، المنقسمة على نفسها تبعاً للانقسام السياسي العام، ومع نظرة قسم كبير من المواطنين السلبية إلى مؤسسة الشرطة الرئيسية في البلاد واتهامها بالانحياز السياسي، يجري الحديث في بعض الدوائر الأمنية عن خطورة استغلال عدد من المجرمين هذه الأجواء والاستفادة منها لتوسيع عملهم الجرمي (غير الإرهابي)، متسترين بانتماء سياسي ما أو متخذين قربهم من أحد الأطراف السياسية واجهة تحميهم من ملاحقة القوى الأمنية لهم، إما لأن الطرف السياسي الذي يتسترون به «حليف لمؤسسة الشرطة»، أو لأن من يناصرونه ليس على وفاق تام مع القوى الأمنية.
وذكر رئيس وحدة الشرطة القضائية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي العميد أنور يحيى لـ«الأخبار»، أن الشرطة القضائية اتخذت قراراً بمكافحة كل أشكال الجريمة التي تمسّ أمن المواطن وتعرّض حياته وماله للخطر، بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الجهة التي يناصرها مرتكبو هذه الجرائم، تطبيقاً للقانون. وقد شهدت الأيام الأربعة الماضية حملة أمنية واسعة النطاق نفذتها المفارز الإقليمية في الشرطة القضائية، إضافة إلى مفارز الاستقصاء في وحدة الدرك، في محاولة للحدّ من الجرائم التي أظهرت تطوير المجرمين أساليب عملهم.
مكافحة الجريمة
شهدت مدينة طرابلس أربعة حوادث سلب ادعى من تعرّضوا لها أن سائق سيارة أجرة أعطاهم دواءً منوماً دسّه لهم في فنجان قهوة عرض عليهم أن يشربوه. وبسبب قوة المنوّم، يفقد المستهدَفُ وعيَه سريعاً، فيعمد سائق السيارة إلى سلبه كل ما في حوزته. ومن ضحاياه عامل سوري كان يحمل 45 ألف ليرة سورية. وبعدما حدّد المحققون العاملون في مفرزة طرابلس القضائية ملامح سائق التاكسي، اشتبهوا في عبد الله م. الذي يسكن في منزل شقيقته في طرابلس، فكمنوا له وتمكنوا من توقيفه، فتعرّف عليه أحد الذين تعرّضوا للسرقة. واعترف الموقوف خلال التحقيق، بحسب قوى الأمن، بأنه يشتري الدواء المنوِّم من سوريا حيث يبيع مسروقاته.
في طرابلس أيضاً، وبعد قيام مجهول بسرقة سيارة ثم الاتصال بصاحبها ومفاوضته لإعادتها مقابل مبلغ 500 دولار أميركي، تمكّنت مفرزة استقصاء الشمال التابعة لوحدة الدرك الإقليمي من توقيف وليد ق. (1985) بالجرم المشهود، أثناء قبضه مبلغ الخمسمئة دولار أميركي من مالك السيارة.
وبالتحقيق معه، اعترف وليد، بحسب قوى الأمن، بأنه كان سيسلّم المبلغ المذكور لمحمود ج. (1990) وحسن ح. (1982) الملقب بـ«حسن مفرك». وبعد دهم المذكورين أوقفا واستُعيدت ثلاث سيارات مسروقة، واعترفا بارتكاب عدة عمليات سرقة لسيارات ودراجات نارية من بيروت والشمال بواسطة مفاتيح مستعارة.
بيروت
وفي بيروت وضواحيها، وقعت يوم أول من أمس أكثر من 15 حادثة نشل. ومن بين الحوادث المذكورة عملية نشل سيدة تعمل في السفارة البابوية وتوزّع الأدوية، ادعى النشال خلالها أنه مريض. وفي إحدى العمليات، تمكن النشال من سرقة حقيبة تحوي عدداً من بطاقات الائتمان، فاستخدم إحداها في شراء مجوهرات تبلغ قيمتها نحو 8 آلاف دولار. وبعد التحقيق، تمكن عناصر مفرزة بيروت القضائية من توقيف ربيع ل. (1974) بعدما سجّلت إحدى كاميرات المراقبة صورة لوحة السيارة المستأجرة التي كان يستخدمها. وبالتعاون مع صاحب مكتب تأجير السيارات في المتن، تمكّن عناصر المفرزة من استدراج ربيع وتوقيفه بناءً على إشارة القضاء. وخلال التحقيق معه، اعترف بقيامه بست عمليات نشل طاولت نساءً. كما اعترف بأنه استخدم عدداً من بطاقات الائتمان لشراء مجوهرات كان يبيعها لصاحب محل في منطقة الحدث. وبناءً على إشارة القضاء، أوقف صاحب محل المجوهرات واستعيد الذهب المسروق، فأعيد إلى المحال التي اشتري منها، وأعاد أصحابها المال لأصحابها.
جونية
وفي جونية، أوقفت المفرزة القضائية كلاً من جوزف غ. (مواليد 1990) وروي س. (1990) وشربل ز. (1985) وزياد ر. (1984) وم. غ. (1992) إثر الاشتباه في قيامهم بعدد من عمليات السرقة. واعترف الموقوفون، بحسب قوى الأمن، بأكثر من 25 سرقة لدراجات نارية وبطاريات شاحنات وقوارير غاز من مناطق مختلفة في محافظة جبل لبنان، بالاشتراك مع المدعو جوزف ع. (1988)، موقوف في سجن زحلة بجرم مخدرات، والمدعو كمال غ. (1988) لبناني متوار عن الأنظار يجري العمل لتوقيفه. كما اعترف كل من روي وزياد وم. بحسب قوى الأمن، بالاشتراك مع كمال المذكور، بأنهم أقدموا في أوقات مختلفة على ضرب عمال سوريين وسلبهم في جبيل وبرج حمود وسرقة سيارات عدة من نوع هوندا وركنها في مكان آخر بعد استعمالها، وسرقة آلات التسجيل من داخلها. من ناحية أخرى، عثر مكتب مكافحة جرائم السرقات الدولية على ثلاث سيارات مسروقة سُلِّمت إلى أصحابها بناءً على إشارة النيابة العامة.
صيدا
من ناحية أخرى، تمكنت مفرزة صيدا القضائية من توقيف ع. أ. الذي اعترف بإقدامه على ارتكاب حوالى 35 عملية سرقة من المنازل والمحال التجارية والسيارات في مدينة صيدا وضواحيها وأماكن متعددة، كما تبين أنه مطلوب بمذكرات عدة وأحكام عدلية.
ورغم ذلك، يبدو أن اللصوص لم يكترثوا كثيراً للحملة الأمنية، فنفذوا «غارة» جديدة من السرقة استهدفت بواسطة الخلع والكسر محلاً تجارياً في زاروب عنتر الكائن في حي الدكرمان السكني في مدينة صيدا. وقد عمد اللصوص إلى خلع قفل محل مخصص لبيع الفحم واللوازم المنزلية وبقالة صغيرة لصاحبه محمد الزينو، وسرقوا أموالاً نقدية لا تتعدى مئة ألف ليرة كانت موجودة فيه. وكان النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي عوني رمضان قد قرر أن تكون موجة السرقات وبعض الأوضاع الأمنية في مدينة صيدا وتوقيف أشخاص، عناوين لمؤتمر صحافي دعا إليه قبل أيام، ثم عدل عن الفكرة وألغي المؤتمر من دون معرفة الأسباب.
(الأخبار)


مذكّرة من السيد إلى مجلس الأمن لإطلاق سراحه
وجّه اللواء الركن جميل السيد «نداءً» إلى الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي دوميساني كومالو، تحدّث فيه عن عروضات تلقاها من ديتليف ميليس ومساعده غيرهارد ليمان «لتسمية مسؤول سوري رفيع على أنه ضالع باغتيال الرئيس رفيق الحريري». وذكر السيد أنه رفض هذا العرض «المثبت لدى لجنة التحقيق بالأدلة التي قدمها لاحقاً بعد اعتقاله». ثم تحدّث عن فترة عمل سيرج براميرتس الذي «سلّم السلطات اللبنانية 4 رسائل خطية، يؤكد فيها أن المسؤولية الحصرية للبت بالاعتقالات تقع حصرياً على السلطات القضائية اللبنانية، بعدما زوّدتها اللجنة بكل معطيات التحقيق».
وطالب السيد رئيس مجلس الأمن بإثارة قضية الموقوفين، متمنياً القيام بما يؤدي إلى «إلغاء هذا الاعتقال السياسي التعسفي بأسرع وقت»، وخاصة أن قضية الاعتقال «وضعت صدقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولجنة التحقيق الدولية على المحك، وأن الضرر من الاعتقالات السياسية سيصيب صدقية المحكمة الدولية مستقبلاً»، لأن هذه الاعتقالات «تخالف كل المعايير الدولية».