المعارضة: الحلّ للأزمة بعيد ولا بديل عن طاولة الحوار والوفاقأضيفت المناورات العسكرية الإسرائيلية، التي بدأت أمس، إلى العناوين السياسية الداخلية، فارضة على لبنان أجواءً من الحذر، في موازاة الانشغال بجولتَي رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، عربياً ودولياً، بحثاً عن حل للأزمةبدأ رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، جولته العربية من القاهرة التي وصلها مساء السبت، واستقبله أمس الرئيس المصري حسني مبارك، بحضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري والسفير اللبناني في مصر خالد زيادة والمستشارين محمد شطح ورولا نور الدين.
وبعد اللقاء، الذي استمر قرابة ساعتين، أوضح السنيورة أنه جرى استعراض ما مرت به المنطقة «ولا سيما قبل انعقاد مؤتمر القمة العربية والأسباب التي دعت لبنان إلى عدم حضوره»، مؤكداً أنه «يهدف من مشاوراته التوصل إلى اجتماع لوزراء الخارجية العرب من أجل بحث القضايا الأساسية وخاصة العلاقات اللبنانية السورية بما يؤدى فعلاً إلى استعادة المؤسسات الدستورية فى لبنان».
وعما سيطلبه من الرياض في ضوء إعلان سوريا أنها مستعدة للمساعدة في حل القضية اللبنانية شرط تدخل السعودية في هذا الإطار، قال السنيورة: «أنا أتطلع إلى الموضوع من زاوية أن لبنان وسوريا بلدان شقيقان ولا يجوز أن يختطف شقيق شقيقه، على أمل أن يحصل على فدية من شقيق آخر».
وشدد على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، واصفاً إعلان قائد الجيش العماد ميشال سليمان عزمه على التقاعد بأنه «صرخة أطلقها معبراً عن ضيقه من هذه الطريقة التي يعامل بها لبنان بعدم التوصل إلى اتفاق بشأن المبادرة العربية، وهي باختصار أن الإخوة العرب قالوا بضرورة الإسراع فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم يصار حسب الدستور اللبناني إلى تأليف حكومة وحدة وطنية». وأكد أنه «حتى لو تقاعد العماد سليمان، فإن هذا لا يمنع من بقائه مرشحاً توافقياً من الجميع». ورأى أن الهم الأساس هو الموقف العربي الضاغط من أجل إيجاد حل لمشكلة لبنان والمسارعة في تنفيذ المبادرة العربية، وفي الوقت نفسه معالجة الخلل الواضح في العلاقات اللبنانية السورية.
ورداً على سؤال، أكد أنه إذا حصل أي اعتداء «من أي جهة ضد لبنان أو سوريا أو أي بلد عربي، فستجدوننا نقف دائماً ضد هذا العمل، ومع أشقائنا العرب ومع السوريين، وبالتالي فنحن لا نلجأ ولا نحبذ وندين أي عمل عسكري». وأعلن رفضه المناورات التي تقوم بها إسرائيل حالياً، مشيراً إلى أنه أوعز إلى القوات الدولية «كي تكون على بيّنة مما يجري حتى لا تتخذها إسرائيل ذريعة لخرق أجوائنا أو القيام باعتداءات على لبنان، وأعطينا التعليمات اللازمة للجيش للتنبه».
والتقى السنيورة والوفد اللبناني في «القرية الذكية» نظيره المصري أحمد نظيف، في حضور وزير البترول سامح فهمي ووزير الكهرباء حسن يونس، وجرى عرض لمجمل الأوضاع في لبنان والمنطقة.
وخلال حفل استقبال أقامه السفير زيادة في مقر السفارة اللبنانية في القاهرة، أمل السنيورة أن تؤدي القاهرة دور «الناظر» في العلاقات العربية العربية والعربية الدولية. وقال: «نحن بالنسبة إلينا، لدينا جار واحد هو سوريا وعدو هو إسرائيل. ونحن نستمر بالالتزام بهذه الحقيقة، وسوريا عملت وضحّت في السنوات السابقة من أجل إنهاء كل الأفكار التقسيمية للبنان».
وتساءل: «هل من مهمة المقاومة احتلال وسط مدينة بيروت؟»، لافتاً إلى «أن إسرائيل نجحت في تحقيق ما أرادته من خلال خلاف اللبنانيين، ودون إطلاق أي رصاصة».
في غضون ذلك، توقعت مصادر مصرية مطّلعة لتلفزيون «أخبار المستقبل» أن تتم الدعوة لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب للبحث في الأزمة اللبنانية والعلاقات اللبنانية ــ السورية خلال شهر نيسان الجاري.

... وبرّي يُعدّ لجولته

وعلى خط مواز، يحضّر رئيس المجلس النيابي ملفات جولته العربية والأوروبية التي ستشمل: دمشق ،الرياض، الدوحة وباريس لاستطلاع الأجواء قبل إطلاق مبادرته الحوارية.
وكان برّي قد التقى، أمس، في عين التينة مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية أنجيلا كاين، بحضور المستشار الإعلامي علي حمدان، وجرى عرض للأوضاع في لبنان ولا سيما الجنوب.
وأعلنت كاين أن غاية زيارتها «نقل اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة باستمرار الجمود في الوضع السياسي»، كاشفة أنه سيتم قريباً تعيين خلف للمنسق السابق للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون.
من جهة أخرى، رد عضو كتلة «التحرير والتنمية» ،النائب علي حسن خليل، على حملة الموالاة على مبادرة بري، مؤكداً أن الأخير سيتابع مبادرته «بالرغم من كل المراهنين على تراجعه عنها»، ومشدداً على أن برّي «سيكون راعياً لانعقاد الحوار وهو رئيس حركة أمل ورئيس لتكتل نيابي، ولا يغش الرأي العام ولا القوى السياسية، لكنه معنيّ باجتراح الحلول وهو لا يخفي أنه يحمل رؤية سياسية وموقفاً سياسياً سيعبر عنه بوضوح».
وشدد الوزير المستقيل، محمد فنيش، خلال حفل إطلاق منتدى معروب الثقافي على أنه «مهما بدت الأمور سلبية، ومهما بدا أمام اللبنانيين أن الأزمة كبيرة ومعقدة، في النهاية قدرنا جميعاً أن نجلس إلى طاولة الحوار وأن نصل إلى وفاق».
من ناحيته، لفت النائب حسين الحاج حسن، خلال افتتاح أعمال اليوم العلمي الذي نظمته رابطة أطباء الأسنان في النبطية، إلى وجود تناقض كبير في مواقف «فريق الوصاية الأميركية» حول قانون الانتخاب، مستبعداً «أن يجمع بشكل سهل وأكيد وسريع على مشروع قانون الانتخاب، هذا إذا كانوا يريدون انتخابات في عام 2009».
وبينما نوّه النائب أنور الخليل بالموقف الإيجابي الذي أطلقه النائب وليد جنبلاط بدعمه للمبادرة، دعا النائب نوار الساحلي «الفريق الآخر إلى أن يتفضلوا إلى مبادرة بري للحوار وليناقشوا موضوعين أساسيين يشكلان الأزمة في لبنان، وهما قانون الانتخاب وحكومة الاتحاد الوطني»، فيما رأى النائب قاسم هاشم، خلال مهرجان لحزب «البعث العربي الاشتراكي» في عكار، أن استهداف بعض قوى السلطة مبادرة بري «ليس إلا دليلاً على نيات هذا الفريق الرافض لأي حوار توافقي ووفاقي إلا بما ينسجم مع رؤيته وسياسته ونهجه».

نكتة المحور السوري الإيراني

وسأل أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح، النائب إبراهيم كنعان، خلال تمثيله رئيس التكتل النائب ميشال عون في العشاء السنوي لهيئة بلدة الكحالة في «التيار الوطني الحر»، مساء أول من أمس، «أين كان دور رئاسة الجمهورية في الأعوام الـ18 السابقة، وتحديداً في السنوات الثلاث الماضية؟ وهل وجود الرئاسة يستند فقط إلى وجود رئيس في قصر بعبدا؟» ورأى أن «نكتة المحور السوري ــ الإيراني هي بدعة»، وتساءل كيف أصبح قانون انتخاب عام 1960، الذي كان التيار يطالب به منذ 18 عاماً، قانوناً إيرانياً ــ سورياً».وطلب من الموالاة أن تقدم مشروعاً معدلاً عن قانون 1960 أو أي مشروع آخر».
وأعلن رئيس «جبهة العمل الإسلامي»، الداعية الدكتور فتحي يكن، أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من العماد سليمان جرى خلاله تبادل وجهات النظر في الشؤون والشجون اللبنانية. وأكد يكن «ضرورة الإسراع للخروج من الفراغ الرئاسي»، محذراً من «النتائج الخطيرة الأمنية والاقتصادية التي يمكن أن يتعرض لها لبنان إذا أصبح خارج نطاق السيطرة».
وفي المقابل، رأى رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل «أن هنالك حرباً على لبنان من نوع جديد ليس بالبندقية بل بسلاح أفتك هو تعطيل المؤسسات والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية»، مشدداً على «أننا في صدد مقاومة سياسية ومواجهة لهذه الحرب، وسننتصر لا محالة»، فيما أكد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «المواجهة مستمرة بالوسائل السلمية والديموقراطية بهدف الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية».
وأعرب خلال غداء أقيم لموظفي كازينو لبنان في جبيل بمناسبة انتخابات نقابة موظفي الكازينو في 23 نيسان، عن ثقته «بأن معركتنا رابحة».
من جهته، لاحظ عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري مصادفة يوم 13 نيسان، ذكرى انطلاق شرارة الحرب الأهلية، مع ما وصفه بـ«ذكرى مرور 500 يوم على جريمة موصوفة أخرى هي احتلال وسط بيروت»، مشبهاً اعتصام المعارضة باحتلال مزارع شبعا. وقال: «لعلّها فرصة أمامكم لأن تعلنوا، بمناسبة مرور 500 يوم على هذا الاحتلال، توبتكم وندمكم وانسحابكم من وسط بيروت وإنهاء الاحتلال».
وإزاء هذا التجاذب تمنى، البطريرك الماروني نصر الله صفير، خلال استقباله وفوداً أن تستقيم الأمور في لبنان» ويكون لنا رئيس، وحكومة متماسكة ومجلس يشرّع».
من ناحيته، دعا مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، خلال حفل لرابطة آل البقار في القلمون، الساسة جميعاً للعودة إلى رشدهم وإلى تعقلهم وتوازنهم وإدراكهم أن الشر إذا وقع لا قدر الله، فإن السفينة كلها ستتعرض للغرق، وبالتالي فلن ينجو أحد لأن الغرق سيعمّ الجميع».

المناورات الإسرائيليّة بمثابة حرب

وفي خضم هذه الأجواء السياسية الملبّدة، انعكست المناورات الإسرائيلية على الداخل اللبناني حذراً من خلفياتها وأهدافها، ورأى وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ أن «أي مناورات على حدود أيّ بلد تعدٍّ كأنها حرب على هذا البلد». وأكد بعد تعزيته النائب علي عسيران، بوفاة والدته، أن الجيش اللبناني والمقاومة في حال استعداد وجهوزية، وكذلك الشعب اللبناني بكامله، وسوف يردّون على أي اعتداء يأتي من إسرائيل».
وأكد وزير الاتصالات مروان حمادة أن «لبنان اتخذ كل أنواع الحيطة والحذر بالنسبة إلى المناورات التي تجري في إسرائيل، اقتناعاً منه بأنها قد تشكل في أي لحظة نوعاً من الانطلاق إلى عدوان جديد على لبنان».
من جهته، رأى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن المناورات «تستهدف رفع معنويات الإسرائيليين التي انهارت بعد هزيمة تموز 2006، وإقناع الإسرائيليين بأن الجيش قد تجاوز إخفاقه وأصبح يمتلك جهوزية تَعَلّم من خلالها كل دروس حرب تموز، والاستعداد للحرب في المستقبل».
وأكد قاسم، خلال رعايته احتفالاً لجمعية التعليم الديني الإسلامي ومدارس المصطفى، أن «المقاومة الإسلامية» لن تتعامل مع هذه المناورات على أنها حق طبيعي مكتسب لإسرائيل، مشدداً على أن المقاومة حاضرة وجاهزة لمواجهة أي تهديد إسرائيلي.
وفي الوضع الداخلي، رأى أن «مسار أهل السلطة في لبنان يبيّن أن الحل بعيد لأن أميركا لا تريد حلاً»، مشيراً إلى تصريح لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قالت فيه: «نحن نؤيد بقاء حكومة السنيورة إلى الانتخابات النيابية، وإن تعثرت الحلول التي نؤمن بها فنحن مع تمديد ولاية المجلس النيابي كي يبقى السنيورة حاكماً».